مقال بعنوان : غياب الوعي.
ا.د إبراهيم محمد مرحونة
في تلك الأوقات العصيبة التي تَمُر بها أمتنا العربية والإسلامية، والتي نحتاج فيها إلى تضافر الجهود وتلاقي العقول؛ للارتقاء بمستوى الفكر العربي، امتلأت السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي والفضائيَّات بكل ما يملأ فراغًا ويضيع وقتًا، بكل ما هو تافه ويحض على تفريغ العقول والسيطرة على العقل الجمعي وبكل ما لا يتوافق مع ما تربَّينا عليه من عادات وتقاليد، آخذين الكثير من الأفكار؛ إما تقليدًا لأفكارٍ لا تُناسبنا، وإما تسطيحًا، فلا فكرَ ولا عُمْقَ ولا ابتكار، فإلى أين تأخذُنا شاشة العرض وغيرها من وسائل التواصل؟ هل لنرتقيَ ونعلوَ، أو لنهبط وندنو، ولمصلحة من هذا التردي؟!
وقد اورد أسامة يماني في أحد المقالات (نقلا عن سوق عكاظ) عندما لا يستطيع مجتمع إعمال العقل في شؤون حياته فذلك يعني تخلف المجتمع عن اللحاق بقافلة التقدم والازدهار؛ لأنه فقد محرك المعرفة التي قال عنها «فرنسيس بيكون» قبل ما يقرب أربعة قرون أن «المعرفة قوة». وإذا نظرنا إلى مجتمعاتنا نجدها في معظمها بعيدة عن المعرفة التي تقوم على العقل والتفكير المنهجي العلمي.
ولذا فإن تركيع البشر والمجتمعات والشعوب يبدأ أولا بتغييب العقول، وتهميش الأفهام، والعمل على تحجير الأفكار وتجميدها عند لحظة معينة.
علينا أن لا نستعجب أن هناك كثيراً من المنتفعين الذين يرغبون أن يظل المجتمع فاقداً لعقله واستمرار حال اللاوعي على ما هو عليه، فذلك يصب في مصلحتهم، دون النظر إلي مصلحة الوطن وتقديمها على ما سواها.
لذا لن يصلح حال المجتمع مجموعة قوانين وأنظمة تحسّن من اختناقات وتراكمات عانى منها المجتمع وإن كانت تخفف من الاحتقان، وعليه فمن الضروري العمل على بناء المعرفة في المجتمع ووضع أسس بناء أنظمة معرفية وتحفيز الإبداع والمواهب والأفكار والحث على تحصيل العلم والاهتمام بالثقافة وجعل الإمام بعلوم التاريخ والفلسفة والمنطق وعلم النفس والاجتماع والجغرافيا وغيرها من العلوم أحد أهم ركائز البناء الثقافي والمعرفي للإنسان حتى يمتلك العقل الناقد والتفكير المنطقي والمنهج العلمي في إدارة شئون الحياة.
بعض الإعلاميين والقائمين على الإنتاج الفني ومنارات الفكر بأنواعه المختلفة يتجهون إلى إثارة قضايا تجذب إليهم أكبر قَدْر من المشاهدين، حتى لو أدَّت إلى تدهور الذوق العام وتغذية العقول بكل ما يُخالف عاداتنا وما تربَّينا عليه؛ بهدف جذب المعلنين وزيادة الأرباح هذا بجانب الهيمنة الغربية الماسونية التي يتبنها الكثير بقصد او بغير قصد ، ولكن هذا ليس هو الدور الأصيل للإعلام، الذي ينبغي أن يكون دورًا مؤثرًا وفاعلاً بما يقدمه من رسائل إيجابية تُعزِّز القيم المجتمعية مثل قيم الانتماء والصدق والخير، وليس فقط التركيز على كل ما هو سلبي.
وهناك طرق عدة لنشر المعرفة:
1- تشجيع ودعم التعليم: الاستثمار في التعليم هو واحد من أكثر الطرق فعالية لنشر المعرفة. يمكن للحكومة التركيز على تحسين جودة التعليم وتوفير الفرص للناس للتعلم واكتساب المعرفة.
2- تعزيز القراءة: تشجيع الناس على قراءة المزيد من الكتب والمنشورات. يمكن للحكومة إنشاء نوادٍ للقراءة وتنظيم معارض الكتب لتعزيز القراءة في المجتمع.
3- استخدام التكنولوجيا: مع توافر التكنولوجيا على نطاق واسع، يمكن للحكومة الاستفادة منها لنشر المعرفة من خلال التعليم عبر الإنترنت ومنصات التعلم الإلكتروني.
4- استضافة الندوات وورش العمل: تعد استضافة الندوات وورش العمل طريقة ممتازة لنشر المعرفة والمهارات. يمكن للمؤسسات دعوة المتحدثين والخبراء المتخصصين لتبادل خبراتهم مع المجتمع.
5- تشجيع البحث: تشجيع الناس على البحث واكتساب المعرفة من خلال أساليب مختلفة، مثل إجراء الدراسات العلمية وتحليل البيانات وتبادل الأفكار مع قادة الفكر الآخرين.
بشكل عام، يتطلب نشر المعرفة وعودة العقل الجهود الجماعية للحكومة وقطاع التعليم والمجتمع، من أجل النمو والازدهار، ومن أجل الاستقرار والتطور.
إرسال تعليق