الاعتياد هو ألد أعداء السعادة، ولحسن الحظ فالتغلب عليه لا يتطلب أكثر من النظر إلى الأمور على حقيقتها. حقيقة أن كُل ما لديك هو منحة وليس شيئًا حصلت عليه عن استحقاق.
فلا تعتاد التملك وتكون عبدا لما تملك ولاتعتاد النعم ، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم" هذا وقد ذكرت صباح قطيشات في مدونتها الاعتياد موت في صورة الرضا"بكوا في أول الأمر ثم ألفوا و تعودوا أن النسيان يعتاد كل شيء يا له من حقير" كما قالها الكاتب الكبير فيودور دوستويفسكي.
لم أكن أعي ما يقصده إلى أن دققت في نفسي وفيمن حولي. كشيءٍ من الاعتياد في كل تفصيلٍ نفعله، ابتداءً بأقل الأمور لأكبرها وأعمقها.
وفى هذا الأنماط من الاعتياد السم القاتل مثلا : نعتاد سعادتنا إلى أن يصبحَ الحزنُ فاجعة لا يحتملها القلب إذ أتت، كأن أحداً قال: أنَّ الحياة يجبُ أن تعاش بشعورٍ واحد فقط، أن نعيشها على نفس الوتيرة! وعلى النقيض تماماً اعتاد أحدهم أنّ يحزنَ كل ليلة إلى أن نسيَ كيف يفرح!
نعتادُ سؤالاً من صديقٍ إلى أن يُصبِح واجباً عليه، يُخطِئ به إن لم يفعله، وننسى أن المُبادَرة بسؤالٍ أو بكلِمة طيبة واجِب على كلينا، وأنّ الاهتمام ليس حكراً لأحد وواجباً على الآخر! اعتدنا تعظيمَ الكبرياء في حبنا، حتى بتنا نحسب خطواتنا أفعالنا وحتى كلماتنا بدقة، وندرسها بالورقةِ والقلم، قبل أن نخطوها تجاه مَن نُحب، وكأن الحُب ساحة معركة ومن يتنازل قليلاً يُعتبر خاسراً، نسينا أنّ الحب في أصلهِ عفوي، أن تكون كما أنتَ مع نفسِك، أن تُذيب جدار الأنانية وتهدِمه بينك وبينَ من تُحب!
بعضنا اعتاد الهروب إلى أنّ أصبَحَ بمفهومهِ هو الخيار الوحيد لكل أمر، فبات يرى كل أموره من نفس الزاوية في كُل مرة. والأخر اعتادَ الضعف فأضاع حقهُ في الكثير من المرات التي كان بها هو صاحِب الحقّ الوحيد وأكمَلَ حياتَهُ بجانب الحائط يداري خيبات خوفهِ وقِلة حيلته. إهمالنا اعتياد ومثابرتنا واجتهادنا كذلك وكلٌ لهُ سيئاته. إن اعتيادك لإهمالكَ طِيلة الوقت ليسَ بالأمرِ الحسن فلا وقتَ لإضاعة الفرص عليكَ بسبب هذا، ودعنا نخرُج عن النصِّ قليلاً فليسَ مِن الحسن أيضاً أنّ تعتاد اجتهادكَ في كل أمر وبعض الاجتهاد خاطیء في أمرٍ لا يشبَهُك فتظلُ تلهثُ في غيرِ طريقِكَ، ظاناً أنّكَ قد قطعتَ الكثير َوَأنتَ ما زِلت في مكانك.
نعتاد الأماكن ونأنس بساكنيها، نعتاد أشخاصاً في حياتنا نموت ألف ميتة إن ابتعدوا عنا أو قلّ اهتمامهم.
ما أبشع اعتياد تعليق الأخطاء على شماعة القدر، أنّ نقول هذا نصيبنا، أن نعتاد ألا نسعى ونقول لم يُريد ﷲ لنا ذلك. أحدهم اعتاد النسيان إلى أن أَصبَح إنسان يعيشُ بلا ماضٍ ينسلّ منه بكل سهولة، فلا تصقلهُ خبرات ولا يتعلَمُ من أخطائه وكما نعلم مَن لا يملك ماضٍ فلا حاضرَ له وعلى النقيض تماماً مَن عاش في ماضٍ سعيدٍ، حافل بالإنجازات أم كان سيء، ونسي أنّه شيء ذهبَ ولَن يعود وأن لديه الكثير من العمر ليصنعه.
أخافُ فكرة اعتياد فعل الأمور لأنّ الجميع يفعلها بجيدها وسيئها، كفكرة المشي مع القطيع وخاصة في طريقة التفكير، الجميع فعل هذا أو ذاك فوجب أن أفعلَه.
سعيدٌ من لم يعتد شيء من استطاع في كل مرة ٍأن يلتقط نفسهُ قبل الغوص في هذه الفكرة، مَن كان عابراً دوماً في كُل أمر في هروبه ومكوثه، في تأنيب نفسه على الخطأ أو إعطائها حقّها فيه، عابراً في إهمالهِ واجتهاده، عابراً حتى في كبريائه ومشاعره، لا يعتاد وجود أحد ولا يفسح المجال لأحد أن يعتاد وجوده، لا يترك ضحايا بعده ولا يكُن ضحية لأحد، من لَم ولن يكن ضحية لعادة. وعلى هامش النص وفي صميم الفكرة إن وجب عليك أن تعتاد، كُن عابراً حتى في اعتيادك.
الاعتياد على الشيء يفقد الشعور بوجوده !!
يقولون: إنّ النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والانفراد فتهجر الناس بحتا عن راحة البال ، وأرد على قولهم: بأنه رغم يقيني بأن السعادة وراحة البال ، لا تكونان أبدا باعتزال الناس ولا بالانفراد بعيدا عنهم.
التوع والابداع والتفوق والابتكار والمصابرة وعدم الاستسلام سيجعل منك إنسانا مميزا صاحب رؤية
إرسال تعليق