مصر ... ركائز بناء دولة المواطنة والوحدة الوطنية...بقلم رباب حافظ

مصر ... ركائز بناء دولة المواطنة والوحدة الوطنية...بقلم رباب حافظ


مصر ... ركائز بناء  دولة المواطنة والوحدة الوطنية
أ/ رباب حافظ
مقرر برنامج المرأة بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية
تعد المواطنة والوحدة الوطنية هما الأساس في استقرار الدول ونمائها، وهما الأساس في تحقيق البناء الوطني السليم والتماسك المجتمعي وبالتالي تشكل هدف التنمية السياسية وغايتها الأولى، لذلك تحظى بأولوية على ما عداها من أهداف وغايات، كالهوية والمشاركة وبناء المؤسسات وغيرها. كما أنهما يظهرا  قصة التلاحم بين أبناء هذا المجتمع من تاريخ آبائنا وأجدادنا إلى يومنا هذا، وفي سياق ذلك جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لكاتدرائية ميلاد المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة، وتهنئته لقداسة البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد الميلاد المجيد يوم 6 يناير 2025؛ لتؤكد على أهمية الوحدة، ولتسلط الضوء على الدور الحيوي للوعي الجمعي للمصريين في الحفاظ عليها في مواجهة التحديات التي تمر بها الدولة، إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أن "المصريين يشكلون نسيجًا وطنيًا واحدًا".
وجدير الذكر أن الوحدة الوطنية في مصر برزت في مواقف عديدة، وتجلت في تحركات الشعب المصري منذ فجر التاريخ فمن منا ينسي الشارع المصري في ثورة 1919 وشعار "يحي الهلال مع الصليب" أو يغفل ثورتي يناير ويونيو التي جسدتا حجم التلاحم الوطني والوحدة الوطنية، وتحديدًا ثورة 30 يونيو 2013 التي نبذت معها أي محاولات للمساس بالوحدة الوطنية، وعملت الدولة منذ ذلك التاريخ على بناء ركائز دولة المواطنة والوحدة الوطنية والتي تجلت في خطوات عديدة بدأت بالدستور المصري حيث أكد الدستور على مبادئ الوحدة الوطنية في المادة الرابعة  ودور الدولة في حماية المواطنة في المادة التاسعة من الدستور نهيك عن المواد التي أكدت على المساوة بين المصريين كافة. ولا يمكن أن نغفل المادة 235 التي أشارت إلى إعداد قانون لتنظيم بناء الكنائس وإعادة ترميمها. وفي هذا السياق يعد هذا القانون هو الأول من نوعه في مصر والذي انتظره المصريون لأكثر من 150 عامًا؛ أصبح واقعًا يتحقق في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجدير الذكر هنا أن السيد الرئيس أكد في أكثر من لقاء على أن "الدولة لازم تبني كنائس لمواطنيها، لأن لهم الحق في العبادة كما يعبد الجميع، ولأن ده حق المواطن يعبد كما يشاء" ووجه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والحكومة بضرورة وجود كنائس في المدن الجديدة، وكذلك تكليف الهيئة بسرعة بناء وإعادة ترميم الكنائس التي تم الاعتداء عليها في أعمال العنف الإرهابية عام 2013 ".
في إطار تعزيز ركائز دولة المواطنة والوحدة الوطنية؛ قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة الفاتيكان عام 2014، تلتها زيارة تاريخية لبابا الفاتيكان إلى مصر في عام 2017. والتي كانت تعبيرًا عن سعي مصر لترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر، وتعزيز الحوار بين الأديان. ناهيك عن مشاركة السيد الرئيس احتفالات أبناء الوطن المصري بأعيادهم المختلفة أقباط ومسلمين، وتقديم التهنئة لهم. ولا يمكن لنا أن نغفل  تحرك الجيش المصري بتوجيه ضربات جوية ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم داعش الإرهابي بليبيا، وذلك ردًا على الجريمة في حق أبناء الوطن على أحد سواحل ليبيا، لتجسد حينها أسمي معاني دولة المواطنة والوحدة الوطنية.
وفي السياق ذاته؛ أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا لاكتشافات التراث القبطي. ففي عام 2019، تم اكتشاف هيكل كنيسة "دير البلايزة" وعدد من الشواهد الأثرية التي تحمل الكتابات القبطية في أسيوط. وفي محافظة المنيا، تم اكتشاف مباني وقلايات في دير أبو فانا المجاور للكنيسة الأثرية. وتُعد هذه الاكتشافات جزءًا من الجهود المبذولة للحفاظ على التراث القبطي وتعزيزه. كما تم إدراج أيقونة العائلة المقدسة في كتالوج الحج المسيحي في الفاتيكان بعد زيارة بابا الفاتيكان لمصر، وإدراج مسار العائلة المقدسة على قائمة التراث غير المادي لليونسكو. وقد تم تكريم مشروع إحياء المسار بشهادة "ممارسة جيدة" من المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية (UCLG)، وهو ما يعكس التقدير الدولي لهذه المبادرة.
وتعكس كل هذه الجهود المتنوعة التزام الدولة المصرية بتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ قيم التسامح، والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع المصري. ومن خلال تعزيز الوعي الجمعي وقبول الآخر؛ تمكنت مصر من أن تكون نموذجًا يحتذى به في التعايش والوحدة الوطنية، وهذا بدوره يصب في بوتقة استقرارها وتقدمها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

اكتب تعليق

أحدث أقدم