رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن البرامج التعليمية فى الإذاعة والتليفزيون

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن البرامج التعليمية فى الإذاعة والتليفزيون


رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن البرامج التعليمية فى الإذاعة والتليفزيون
بقلم \  المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد القوي  عبد اللطيف
مؤسس  ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولي
يقدَّم في الإذاعة المصرية، وفي التلفاز كذلك برنامج تعليمي في اللغة العربية لطلاب السنوات النهائية في مراحل التعليم، ولكن أغلبها وخصوصًا التلفازي منها يقدَّم بطريقة إلقائية خطابية مُباشرة من إحدى غرف البث بالتلفاز، وهنا يهبط التلفاز إلى مستوى الراديو؛ إذ ألغى المسؤولون دور العين في المشاهدة والمتابعة، فليس أمام المشاهد إلا شخص مقدِّم البرنامج الذي لا تتحول عنه عدسة التلفاز طيلة وقت الإرسال، وهو نصف ساعة غالبًا، وحتى يُحقِّق البرنامج الأهداف المنشودة أرى:
1) تجنُّب مقدم البرنامج الطريقة الخطابية الإلقائية، ولن يتحقَّق ذلك إلا إذا كانت المادة المقدمة مشهودة معيشة، تشدُّ الطلاب إليها؛ بحيث تكون المشاهدة جزءًا لا يتجزأ من بنية البرنامج المقدم، حتى لا يَتساوى البرنامج مقدمًا عن طريق الراديو، والبرنامج نفسه مقدمًا على شاشة التلفاز، كما يحدث حاليًّا، مع فارق واحد وهو ظهور مقدِّم البرنامج في الحالة الثانية، وسماع صوته فقط في الحالة الأولى.
وحتى يكون القارئ على بينة من هذه الحقيقة أقدِّم مثالاً لدرس من دروس النصوص قُدِّم لطلاب الثانوية العامة في التلفاز المصري، وكان الموضوع قصيدة “المساء”؛ للشاعر خليل مطران، وهي من أشهر قصائده، وقد نظمها سنة 1902، وتعدُّ رائدة الشعر الرومانسي في العصر الحديث، والجزء المقرَّر يبدأ بقوله:
إني أقمت على التعلَّة بالمنى
في غربة قالوا تكون دوائي
عبث طوافي في البلاد وعِلَّة
في عِلَّة: منفاي لاستشفائي
وعلى مدى نصف ساعة سار مقدم البرنامج في تقديم النصر بالطريقة الآتية:
• تحدَّثَ عن الشاعر وحياته في ثلاث دقائق.
• تحدَّثَ عن مناسبة القصيدة والجو العام للنص في ثلاث دقائق.
• قرأ النَّص، ثم قدم الأفكار الأساسية في الأبيات.
• شرح الأبيات شرحًا إجماليًّا.
• فسَّر بعض الكلمات تفسيرًا لُغويًّا.
• أبرز ما في الأبيات من صور جزئية بيانية، وألفاظ موحية.
وفي سهولة استطعت أن أسجل على هذه الحلقة المآخذ الآتية:
أ‌- جاء شرح الكلمات بطريقة تجريدية، دون استخدامها في جمل توضِّح معناها، وتثبتها في ذهن الطالب.
ب‌- الاعتماد في إبراز جماليات الأبيات على ما يُمكن أن نسميه “بالبلاغة الرياضية أو الحسابية” وتعني الحرص على إحصاء ما في الأبيات من صور جزئية كالتشبيه والاستعارة والكناية:
• في البيت الأول تشبيه بليغ: شبه الغربة بالدواء.
• في البيت الثاني تشبيه بليغ: شبه المنفى بالعلة.
• شاك إلى البحر: استعارة مكنية.
• والبحر.. كصدري كساعة الإمساء: تشبيه مقلوب.
وكان من المفروض أن يبرز الشارح أن المصدر الأساسي للجمال الفني في الأبيات هو اعتماد الشاعر على ظاهرتي: التشخيص؛ تشخيص مظاهر الطبيعة، والمزج بين نفسه وبين مظاهرها المختلفة كالبحر والغروب إلى درجة الحلول الشعري.
مضت الحلقة بهذه الصورة النمطية التقليدية التي تُثير الملل والسآمة؛ إذ لم يكن أمام المتلقين إلا وجه مقدم البرنامج على مدى نصف ساعة، والمُشاهدة هنا – كما أشرت آنفًا – لا قيمة لها؛ لأن البرنامج بهذا الرتوب و”الصورة الواحدة” لا يَختلف في حالته هذه عن تقديمه في الراديو.
والتقديم المثالي هذه الحلقة بالذات يجب أن يُنتفع فيه بنهج حلقات (العلم والإيمان) التي يقدمها الطبيب مصطفى محمود، فيتم التعاقد والتلاحُم بين العناصر الآتية.
• صوت الشعر.
• آلة التصوير.
• مشاهد الطبيعة.
فتنتقل آلة التصوير مع الأبيات إلى مشاهد الطبيعة التي تمثِّلها هذه الأبيات؛ بحيث لا يظهر المقدم على الشاشة الصغيرة إلا لفترات قصيرة جدًّا.
• • •
2) يجب إشراك الطلاب في هذه البرامج باستضافة بعضهم إلى الأستوديو، وإظهارهم في حلقات البرنامج ليتلقى منهم مقدِّمها أسئلتهم، على أن يكون ذلك بعيدًا عن الافتعال والتكلُّف.
وأكثر من ذلك واقعية وأجدى: أن تقدم بعض الحلقات من بعض المدارس، ولا يعني ذلك الالتزام بمكان واحد، وطريقة واحدة، بل لا بد من التنويع والتلوين في المكان والطريقة.
3) يجب أن يكون للبرامج التعليمية خطة مبنية على وحدات متكاملة بالنسبة للمراحل التعليمية الثلاث؛ (الابتدائية والإعدادية أو المتوسطة والثانوية)، بلا إشعار بالانفصام والاستقلالية؛ وذلك بأن تكون المرحلة اللاحقة مؤسَّسة ومبنية على معارف المرحلة التي تسبقها، فيَستغل مقدِّم برنامج المرحلة المتوسطة ما درسه التلاميذ في المرحلة الابتدائية، وما قدَّمه زميله من معارف في البرنامج التعليمي لهذه المرحلة، وهذا يتطلب تحقيق أمور ثلاثة:
الأول: أن تكون اللجنة التي تضع البرامج التعليمية للمراحل الثلاث لجنة واحدة من خيرة خبراء التعليم والتربية والإعلام، وتُراعي تسلُسل المادة وتصعيدها من صفٍّ إلى صف، ومن مرحلة إلى أخرى.
الثاني: أن تقوم هذه اللجنة بدراسة واقع البرامج التعليمية – قبل بدء عملها – وتقييمها تقييمًا شاملاً لتفادي ما علق من نقائص وعيوب.

الثالث: أن يكون ضمن الخطة النص على الإفادة من عناصر التقنية العلمية في التصوير والإخراج والوسائل الحديثة التي تُضفي على البرامج جماليات وجاذبية وتشويقًا، بعيدًا عن النمطية التقليدية التي تُفقد هذه البرامج قدرتها على التأثير. 

اكتب تعليق

أحدث أقدم