بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
قليلون هم الذين يحاسبون أنفسهم، وقليلون جدًّا هم الذين يشتغلون بعيوبهم قبل أن يشتغلوا بعيوب الآخرين!!





ومشى الشيوخ يودِّعون أسامة وهو يَركب فرسه، وقد حاول النزول إكرامًا لأبي بكر ولهم، لكن أبا بكر رفَض هذا منه، وظل ماشيًا، وأسامة راكبًا فرسه.
ويا له من تكريم للشباب، و(الدعاة الجدد)، الذين يجب أن يُعَدُّوا لحمْل الراية، وأن يُعالَجوا برِفقٍ وحنانٍ، وبالنصيحة الودودة، وليس بالكلمة النابية الشديدة…




إننا لا ندري ماذا يريد بعضهم لهذه الأمة بالضبط!! هل يُراد منها أن تقف الدعوة عند أسماء معينة؟ أو عند أسلوبٍ معين؟ لا سيما أن أكثر الأساليب المُتبعة ينطلق أصحابها غالبًَا من رؤية مذهبية، تَجنَح إلى حصر الإسلام في جانب من جوانبه؛ سلفيًّا كان أو صوفيًّا، أو اعتزاليًّا عقلانيًّا.
دون أن يَكترث كثير من هؤلاء ببعض الأساسات الخطيرة التي نجَح فيها (الدعاة الجدد):
أولها: أن هؤلاء (الدعاة الجدد) قدَّموا الإسلام للناس تقديمًَا شموليَّا، فأعطوا للناس رُوحه، وكماله وتوازُنه، دون أن يَشغلوا أنفسهم بالصراع الذي يشغل أصحاب الاتجاهات المذهبية الفكرية.
ثانيها: إنهم لم يقولوا: إننا مُفتون، وإننا ألْمَمنا بعلوم القرآن وعلوم الحديث، اللهم إلا من تخرَّج في جامعة الأزهر منهم، واجتهد في الفتوى فأصاب وأخطأ، لكن جمهرتهم امتنَعوا عن الفتوى، وعن التعصُّب لمذهب فقهي، وترَكوا الأمر لعلماء الحديث والفقه.
قد يقول بعضهم: إنهم يفتون في بعض الأحايين.
ونقول لهم: إن الأزهريين من هؤلاء ليسوا أقلَّ من أئمة المساجد الحاصلين على شهادة الشريعة وأصول الدين، وعُيِّنوا في المساجد، فسألهم الناس، فأفتَوا الناس، مع أن أكثرهم – يعلمُ الله – يحتاج إلى عدة سنواتٍ من أجْل أن يكون مفتيًا وواعظًا حقيقيًّا، تمامًا كما يحتاج الطبيب المتخرج إلى سنوات تدريبٍ….


ثالثها: أن هؤلاء (الدعاة الجدد)، لم تَقتلهم الأكاديمية الميتة، ولا البحوث الجافة الجامدة، ولم يقدموا الإسلام للناس كأنه مجموعة قوانين تَحتشد فيها الأوامر والنواهي، والعقوبات الزاجرة، بل قدَّموا الإسلام للناس تقديمًا تَمتزج فيه القوانين بالأخلاق، ويتكامل فيه عدل الله ورحمته في سياق واحد، ويكون حضور العقل موازيًا لحضور القلب ولحضور الروح، فيعمل الكِيان الإنساني عقلاً ووِجدانًا وروحًا، ويتحقق الإيمان والحب، وإيثار الآخرة على الدنيا، ويتسابق الناس إلى تغيير أنفسهم، والإقلاع بها إلى الطريق السليم، طريق الذين يحبون الناس، وليس في صدورهم أضغان ولا انشغال بالصغائر، أو الخضوع للأمراض النفسية والقلبية، بل إنهم: ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾ (الحشر: 9).
إرسال تعليق