رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن أهمية الوقت
بقلم / المفكر العربي خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
ونائب رئيس جامعة بيرشام الدولية بأسبانيا والرئيس التنفيذي
والرئيس التنفيذي لجامعة فريدريك بالولايات المتحدة الأمريكية
, والمدير التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
والرئيس التنفيذي لجامعة سيتي بمملكة كمبوديا
والرئيس التنفيذي لجامعة iic للتكنولوجيا بمملكة كمبوديا
والرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية للدراسات المتقدمة بالولايات المتحدة الأمريكية
ونائب رئيس المجلس العربي الأفريقي الأسيوي
ومستشار مركز التعاون الأوروبي العربي بألمانيا الإتحادية
ورئيس جامعة الوطن العربي الدولي ( تحت التأسيس)
الرئيس الفخري للجمعية المصرية لتدريب وتشغيل الخريجين
الرئيس الفخري لمنظمة العراق للإبداع الإنساني بألمانيا الإتحادية
الرئيس التنفيذي للجامعة الأمريكية الدولية
الرئيس الفخري للمركز الدولي الفرنسي للعلماء والمخترعين
الرئيس الشرفي للإتحاد المصري للمجالس الشعبية والمحلية
قائمة تحيا مصر
الرئيس الفخري للمنظمة العالمية للتضامن والصداقة والتسامح
مؤسس ورئيس الإتحاد الدولي للعالم العربي بالجمهورية الفرنسية
أقسم الجليل سبحانه وتعالى بالوقت؛ فقال : {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4- 1
وقال تعالى {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} } [الضحى: 2- 1]
وقال تعالى ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) الشمس
فأقسمَ عزَّ وجلَّ بالليلِ إذا سَرى وغشَّى وسجَى، وأدلهمَّتْ ظلْمَتُه فعمَّتِ الكونَ برُمَّتِه، وأقسمَ بفجره وآخِرِه إذا هبَّ الناس من سُبَاتهم، واستيقظوا من رُقَادِهم، وأقسمَ بأشرفِ الليالي وأفضَلِها، وهي ليالي العشر من رمضان أو عشر ذي الحجة. واقسم بالشمس وضحاها وأقسم بالنهارِ إذا تجلَّى للخلقِ بنورِه، وانتشرَ ضياؤه بالضحى فأعاد للناس الحياة، ثم أقسمَ الله بعد ذلك بالدهرِ أجمعَ، ليلِه ونهارِه، ظلامِه وضياءِه
وأقسمَ بالعصرِ الذي هو اسمٌ من أسماءِ الدهرِ ولا يقسمُ سبحانه إلا بأمرٍ عظيمٍ، لبيانِ شَرَفِه وأهميتِه، ولفتِ أنظارِ الناس إليه قال الله تعالى {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} } [العصر: 1 - 3]
فما هو الوقت؟
الوقت هو اسم لقليل الوقت وكثيره من لحظة الي دقيقة الي ساعة الي يوم الي اسبوع الي شهر الي عام الي دهر
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران:190] ،وقال تعالى :(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) (6) يونس ، وقال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ) (12) الاسراء
ولقد ذكر الوقت في كتاب الله تعالى في ثلاث عشرة آية يذكر الله تعالى فيها قيمة الوقت، ففي سورة المرسلات: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقّتَتْ لايّ يَوْمٍ أُجّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ [المرسلات:11-13]. أي أن الله تعالى جعل للرسول ميقاتاً يفصل بينهم وبين أممهم وقال تعالى في سورة الحجر حينما أعطى إبليس مهلة من الوقت فقال: قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر:37-38].
اولا : وجوب اغتنام الأوقات فيما ينفع واهمية نعمة الوقت
أيها المسلمون الوقت هو الحياة، وأوْقاتنا هي رأس مالنا في هذه الدنيا، ومن فرّط في وقته وعمُره فقد فرّط في خير كبير، فأيّام الله تعالى تتسارع، والأزمنة تتلاحق ،وكل شيء من حولك يذكرك بقيمة الوقت والزمن الذي تعيشه، فطلوع الشمس وغروبها، والقمر الذي قدره الله منازل، كل يوم تراه أصغر أو أكبر من اليوم الذي قبله، وحركة الكون والكواكب، والسماوات والأرض، فكل هذه الأشياء تذكرك بقيمة الزمن الذي هو رأس مالك. فهل شعرنا بذلك، وهل عملنا لذلك.
وقد جاء في الأثر أنه " لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ يَأْتِي عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلا يُنَادَى فِيهِ: يَا ابْنَ آدَمَ أَنَا خَلْقٌ جَدِيدٌ، وَأَنَا فِيمَا تَعْمَلُ فِيهِ عَلَيْكَ شَهِيدٌ، فَاعْمَلْ فِيَّ خَيْرًا أَشْهَدُ لَكَ بِهِ غَدًا، فَإِنِّي لَوْ قَدْ مَضَيْتُ لَمْ تَرَنِي أَبَدًا، قَالَ: وَيَقُولُ اللَّيْلُ مِثْلَ ذَلِكَ”.
وكان الحسن البصري رحمه الله يقول: “يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك
وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عبدالله بن مسعود، أنه كان يقول: «إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ».
لقد أغدقَ اللهُ عزَّ وجلَّ علي عبادِة النِّعمَ بشتَّي صرُوفِها وأنواعِها، ومن أجلِّ هذه النعمِ وأعظَمِها نعمةُ الوقتِ، نعمةُ الليلِ والنهارِ، يزيد هذا ويطول ذاك، بحكمةٍ رشيدةٍ تيسِّرُ علي العبادِ أمرَ دُنْيَاهم. روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) أي نعمتان يخسرهما كثير من الناس دل على أن المغتنمين لهما لهاتين قليل (الصحة والفراغ) والعلم والعمل لا يتأتى إلا بهما، فلا بد من فراغ ولا بد من صحة تعينك على الطلب.
وضرورة اغتنام الوقت قبل فواته واجب ، روى الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
فاغتنمْ وقتَك قبلَ انقضاءِ أجلِك، وانتهاءِ عملِك، وفواتِ أملِك، وأفولِ شمسِك، فيحقَّ ندمُك، ويتوالى همُّك، ويدوم حزنُك، فتقدمُ يومَ المعادِ، وما لك مِنْ زادٍ.
روى الترمذي بسند حسن عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْظُرُونَ إِلاَّ فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا أَوِ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ».
ويقول ابن عمر كما عند البخاري في صحيحه : «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ».
روى مسلم عن حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فساعة للذكر وساعة للعمل وساعة للولد والزوجة وليس في ذلك اضاعة للوقت
كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على الجلوس للذكر ويسمونه إيماناً ، قال معاذ رضي الله عنه لرجل : ( اجلس بنا نؤمن ساعة ) إسناده صحيح
ان شعائرُ ديننِا تؤكدُ علي أهميَّةِ الوقت: فالصلواتُ الخمسُ لها أوقاتٌ معينةٌ لا تصحُّ قبلَها، وتحرمُ بعدَها إلا لعذرٍ شرعيٍ، { {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} } [النساء:103].وللحج اوقات (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ )
ثانيا : مسؤولية ابن آدم عن أوقاته.
ماذا تقول أيها العبد المسكين، إذا سألك مولاك عن عمرك فيم أفنيته، سيسألك عن الساعات والدقائق من عمرك، أتراك تجيبه بأنك أفنيته بطاعة الله فتفوز بالنعيم المقيم أم تجيبه بأنك أفنيته بالسهر على ما حرّم الله.
أفنيته في مشاهدة مالا يحل لك في وسائل الشر والفساد وفي مجالس الغيبة والنميمة أم أفنيته في السهر على لعب الورق والملاهي وغيرها .
وقد أنب الله تعالى الكفار لما أعطاهم العمر المديد، فلم يستفيدوا منه، فقال عز وجل: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:37] ومدح المؤمنين، لأنهم استفادوا من أعمارهم، واغتنموا أوقاتهم، فقال عز وجل: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] فوبخ هؤلاء مع أنه عمرهم؛ لأنهم لم يستفيدوا من العمر، ومدح هؤلاء؛ لأنهم اغتنموا الأيام الخالية، اغتنموا العمر في طاعة الله تعالى، وهذا المبدأ مهمٌ للغاية- أيها المسلمون- أن يعلم الإنسان قيمة عمره
روي الترمذي عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
فجعلَ اثنين من الأسئلةِ التي يُسأل عنها العبدُ يومَ القيامةِ عن الوقت والعمرِ. هل تظنُّ أنَّ اللهَ وهبنا العمرَ لنُضِيَّعه في اللعب واللهو؟! هل منحنا ربَّنا شبابًا وفتوةً لنقضيَها في الاستمتاع والمرح وحسب؟! حثَّ النبيُّ صلى الله عليه على اغتنامِ الوقتِ: لقد حثَّنا نبيُّا صلى الله عليه و سلم علي اغتنام الوقت
وانتبه واعلم أن الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار المقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم.
فيا من أنفاسه محفوظة وأعماله ملحوظة أينفق العمر النفيس في نيل الهوى الخسيس
جد الزمان وأنت تلعب ... والعمر لا في شيء يذهب
كم كم تقول غدا أتوب ... غدا غدا والموت أقرب
أما عمرك كل يوم ينتهب أما المعظم منه قد ذهب في أي شيء في جمع الذهب تبخل بالمال والعمر تهب يا من إذا خلا تفكر وحسب فأما نزول الموت فما حسب لك نوبة لا تشبه النوب بين يديك كربة لا كالكرب تطلب النجاة ولكن لا من باب الطلب تقف في الصلاة إن صلاتك عجب الجسم حاضر والقلب في شعب الجسد بالعراق والقلب في حلب الفهم أعجمي واللفظ لفظ العرب أنا أعلم بك منك حب الهوى قد غلب ومتى أسر الهوى قلبا لم يفلح وكتب
قال لقمان لولده: أي بني ! إنك من يوم أن نزلت إلى الدنيا استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة، فأنت إلى دار تقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها.
فإذا مدّ الله في العمر حتى الستين فقد بلغ العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم
وروى البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة))
إن العمر هو أعز شيء لديكم فلا تضيعوه ولا تفرطوا فيه، وباللهو تضيعوه فتندموا في الاخرة عليه روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مجاهد قال: ما من يوم إلا يقول ابن آدم: قد دخلت عليك اليوم ولن أرجع إليك إلى يوم القيامة فانظر ماذا تعمل في، فإذا انقضى طواه ثم يختم عليه فلا يفك حتى يكون الله هو الذي يفك ذلك الخاتم يوم القيامة، ويقول اليوم حين ينقضي: الحمد لله الذي أروحني من الدنيا وأهلها. ولا ليلة تدخل على الناس إلا قالت كذلك
دَعْ عَنْكَ ما قَدْ فات في زَمَنِ الصِّبا واذكر ذنوبكَ وابكها يا مذنب
لم يَنْسَهُ المَلِكانِ حين نَسِيْتَه بَلْ أَثْبَتَاهُ وَأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ
و الروح فيك وديعة أودعتها سنردّها بالرغم منك وتسلب
وَغُرورُ دُنْياكَ التي تَسْعَى لها دارٌ حَقِيقَتُها متاعٌ يَذْهَبُ
و الليل فاعلم والنهار كلاهما أَنْفَاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحْسَبُ
وقد كان عيسى عليه السلام يقول: "إن الليل والنهار خزانتان فانظروا ماذا تضعون فيهما" وكان عليه السلام يقول: "اعملوا الليل لما خلق له، واعملوا النهار لما خلق له". فلا تضيع يا عبد الله الليل والنهار فيصبح العبد قاتلا لوقته بلا فائدة كما قال رسول الله ـ ونعوذ بالله أن نكون من هذا الصنف ـ: روي الامام البيهقي في السنن الكبرى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ كُلَّ جَعْظَرِىٍ جَوَّاظٍ صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ , جِيفَةٍ بِاللَّيْلِ , حِمَارٍ بِالنَّهَارِ , عَالِمٍ بِالدُّنْيَا , جَاهِلٍ بِالْآخِرَةِ " فلا شغل له في الدُنيَا غير انه يركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَه فِيهَا إِلا مَا قَسَمهُ الله له.
"يقول الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه الدنيا ساعة فاجعلها طاعة.. والنفسُ طماعة عودها القناعة.. الدنيا إذا حلت أوحلت.. إذا كست أوكست، إذا جلت أوجلت..وإذا أينعت نعت.. وإذا أوجفت جفت..وكم من قبورٍ تُبنى وما تُبنا.. وكم من مريضٍ عُدنا وما عُدنا، وكم من ملكٍ رُفعَت له علامات فلما علا مات.
فالوقت هو الكَنزُ النَّفيسُ أنت اليومَ في دارِ العملِ، في صحةٍ وعافيةٍ، فسابقْ إلى الطاعاتِ، وتزوُّدْ من الخيراتِ، فسوف تجدُ عاقبةَ ذلك خيرًا بعد انقطاعِ أجلِك، وانقضاءِ عُمُرِك.
قال الوزير يحيى بن هُبَيرة البغدادي رحمه الله:
والوقْتُ أَنْفَسُ ما عَنِيتُ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أسهَلَ ما عليك يَضِيعُ
إنَّا لَنَفْرَحُ بالأيَّامِ نقطَعُهَا وكلُّ يومٍ مضَى جُزْءٌ من العُمْرِ
ثالثا : قيمة الوقت عند الصحابة ومن بعدهم
يقول الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أحرص منكم على دنانيركم ودراهمكم.
يعني: أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا حريصين على الوقت حرصاً شديداً، فهم في كل لحظة في إنجاز وفي إنتاج.وأعظم الحرص إنما يكون على رأس المال، ورأس مال الإنسان في الدنيا هو الوقت؛ لأن العمر هو الوقت، فإذا ضيع الإنسان رأس ماله، فسيغبن هناك
قال عمر بن عبد العزيز: يا ابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. ويقول آخر: من كان يومه كأمسه فهو مغبون
وكانت أم الإمام الشافعي تهيئه وهو ذاهب إلى مالك، وكانت توصيه وتضع له أرغفة، فكان يحاول بقدر المستطاع ألا يكون أكولاً حتى لا تأخذه هذه الأرغفة أطول وقت.
قال الإمام الشافعي رحمه الله :الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك
فبادر أنت فاقطعه باستغلال الوقت بأن تعمر وقتك; بالطاعات: كقراءة القرآن، والذكر، والعبادة، إغاثة الملهوف في تفريج كربة مكروب قال إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل حيث يقول: يا بني! لقد أعطيت المجهود من نفسي الراحة للرجال غفلة، وأنفاس الدعاة وقف على الله عز وجل، وهمم الأحرار تحيي الرمم، ونفحة الأبرار تحيي الأمم.
وكان الإمام أحمد: يحمل المحبرة وعمره سبعين سنة؛ شَابَ، ودنا أجله، ورقَّ عظمه، قالوا: تحمل المحبرة وأنت في السبعين!! قال: من المحبرة إلى المقبرة واستغلال الوقت في الخير واجب كما قال الامام البخاري : أنام فأتذكر الحديث فأقوم خمس مرات وست مرات فأضيء السراج في الليل وأكتب شيئاً من الحديث وأنام، فيتذكر فيضيء السراج فيكتب، ويتذكر ويضيء السراج فيكتب.
وكان الامام البخاري -رحمه الله- كان يتمثل بهذين البيتين:
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ذهبت نفسه الصحيحة فلتة
وفعلاً فقد توفي البخاري رحمه الله بالسكتة وموت الفجأة مثلما كان يقول في هذين البيتين، ولكن: ماذا ترك محمد بن إسماعيل رحمة الله عليه؟ ترك هذا الكتاب العظيم الذي هو أصح كتابٍ بعد كتاب الله، ومنه ينهل الواردون، ويأتي المتعطشون للعلم، ويستدل بأحاديثه في الخطب والدروس والمواعظ، فكم جاء لـ أبي عبد الله في قبره من حسنة، والله يعلم شأن عباده.
استغلال الوقت واجب كـالخطيب البغدادي، يذهب إلى المسجد وكتابه في يده، ويعود من المسجد وكتابه في يده، لكن سواءً كتاب، أو تسبح في أصابعك، أو تقرأ شيئاً من القرآن، لكن ذرة ودقيقة واحدة لا تفوت من عمرك.
وكان مسلم بن يسار رجلاً من خيار السلف الصالح، وكان رجلاً إذا قام في صلاته لم يلتفت إلى شيءٍ ألبتة.
أُثر عنه رحمه الله أنه قام في مسجده فصلى في الضحى، وكان الناس يتبايعون في السوق، فسقط جانب المسجد ولم يعلم به مسلم رحمه الله، وجاء الناس سراعاً من السوق يخافون أنه هلك تحت تلك الأنقاض فوجدوه قائماً يصلي ما شعر بسقوطه إلا بعد السلام.
وروي انه وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين (عليه السلام) وهو ساجد فجعلوا يقولون له: يا بن رسول الله النار النار يا بن رسول الله، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: ألهتني عنها النار الأخرى
واعلم ان الايام خمسة: يوم مفقود ,ويوم مشهود , ويوم مورود , ويوم موعود , ويوم ممدود
فاليوم المفقود هو اليوم الذي مضى ولم يعد وقال بعض السلف الصالح ابكي علي ليلة نمتها عن الصلاة المكتوبة ويوم افطرته وساعة غفل فيها قلبي عن ذكر الله وكم من اوقات ضاعت منا في غير طاعة لله.
واليوم المشهود وهو اليوم الذي نحن فيه وقال الحسن البصرى ما من يوم ينشق فجره الا ينادي منادي يابن ادم هذا يوم جديد وعلي عملك شهيد فاغتنمني اني لا اعود الي يوم القيامة
واليوم الموعود وهو يوم ساعة الله يأتي اليك ملك الموت ويقول طوفت لك الدنيا مشرقاً ومغرباً لم اجد لك شربة ماء تشربها ولقمة عيش تأكلها وخطوة خطوها عن هذا المكان وقال تعالي"توفته رسلنا وهم لا يفرطون" . واليوم المورود وهو يوم القيامة يوم الحسرة والندامة ويوم العرض علي الله وسئل سيدنا علي عن الغني والفقر قال الامام علي يوم العرض علي الله وقفوهم انهم مسئولون وقال تعالي فوربك لنسألنهم اجمعين عما كانوا يعملون.
واليوم الممدود هو اما الي الجنة يطول نعيمها واما الي النار لا ينفذ عذابها والجنة ظلها ممدود لمن لايتعدي الحدود وعيشها مقيم لمن علي اوامر الله يستقيم وبساتينها ظاهرة لمن له عين لله ساهرة وماؤها مسكوب لمن احيا بذكر الله القلوب وفيها عينان تجريان لمن له عينان
إرسال تعليق