يوسف حسن يكتب -
الوثائق التي كشفتها الاستخبارات الإيرانية لم تعد مجرد ملف تسريبات عابر، بل تحوّلت إلى إعلان صريح عن أكبر اختراق أمني تتعرض له إسرائيل منذ عقود. فالمسألة لا تقتصر على صور من داخل ديمونا أو خرائط لمواقع حساسة؛ بل على حقيقة أخطر تقولها طهران بين السطور: هناك مئات العملاء والمصادر البشرية داخل إسرائيل يعملون لمصلحة إيران، يمدّونها بالمعلومات الدقيقة من صميم المؤسسة العسكرية والعلمية والأمنية.
هذا الاعتراف الضمني يعني أنّ إسرائيل، التي طالما قدّمت نفسها باعتبارها النموذج الأعلى في الأمن والاستخبارات، فشلت في حماية بيتها الداخلي. لم تعد المسألة حرب طائرات مسيّرة أو صواريخ؛ بل انهيار في جدار الثقة بقدرة "الموساد" و"الشاباك" على حماية الأسرار النووية والعسكرية للدولة العبرية.
أبعاد الهزيمة الإسرائيلية تبدو واضحة:
* ضربة للهيبة: صورة "الأمن المطلق" التي بنتها إسرائيل عبر عقود تتصدع اليوم بعد أن تبيّن أن اختراقاً بشرياً بهذا الحجم يعمل في عمق منشآتها.
* كشف المستور: الوثائق لا تكشف فقط المواقع النووية، بل أسماء العلماء، العلاقات السرية، والتنسيق مع أطراف خارجية، ما يعني أنّ إسرائيل فقدت سرّيتها في أخطر الملفات.
* أداة ردع جديدة لإيران: مجرد إعلان امتلاك هذه الشبكات البشرية يعني أنّ لدى طهران القدرة على توجيه ضربات مؤلمة في أي لحظة، وهذا ما يفرض على تل أبيب إعادة حساباتها في أي مواجهة مقبلة.
* انعكاس إقليمي: حركات المقاومة في فلسطين ولبنان ترى في هذا الإنجاز مؤشراً على أن اليد الإسرائيلية لم تعد طويلة كما كانت تدّعي، وأن عمقها مكشوف لخصومها.
بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، مجرد الحديث عن "مئات الجواسيس" يكفي لزرع الشك في كل مؤسسة ومركز علمي أو أمني. وبالنسبة للمنطقة، الرسالة أوضح من أي وقت مضى: إسرائيل لم تعد الحصن المنيع، بل كياناً مثقوباً مخترقاً، تعيش هزيمة استخبارية مدوّية أمام خصمها الإيراني.
إرسال تعليق