بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن مدينةُ (جَيَّان) تعتبر من مدن وسَط الأندلس الكبرى، وهي اليومَ مديريةٌ ضمن الإقليم الذي ما زال محتفظًا بمسمَّى الأندلس.
وكانت تُعرفُ بأنَّها من أحصن مدن الأندلس وأكثرها منعةً وبعدًا عن النَّوال، كما كانت تسمَّى (جَيَّان الحرير)؛ وذلك لكثرة اعتناءِ باديتها وحاضرتها بدودِ الحرير.
وقيل: إنَّ عددَ القرى التي كانت تتبعُ لها ٣٠٠٠ قرية، ومن المدن والقرى التي كانت تَتبع لها أيام المسلمين: أُبَّدَة، بيَّاسة، قَسْطَلة درَّاج، شِيرَة، شوذَر، أرجونة، وادي عبدالله، وغيرها.
وعندما دخلَت أجنادُ الشَّام الأندلسَ مع بَلْج بن بشر القُشيري، نزلَ منها - بعد مقتل بلج - جند قنَّسرين في جَيَّان، فعرفت بـ (قنَّسرين).
وحينما زار أميرُ المرابطين علي بن يوسف بن تاشفين (ت: 537 هـ) الأندلسَ وخبر مواضعها؛ شبَّهها بالعقاب، وجعل موضع الرأس منها (جَيَّان).
وهي من أوائل المدن التي انضوَت تحتَ حكم بني الأحمر إبَّان نشأة دولتهم.
وفيها قال أحدُ أبنائها، وهو مصعب بن محمد بن مسعود الخشني (ت: ٦٠٤ هـ)، حين خرجَ منها:
أجيَّانُ أنتِ الماء قد حِيلَ دونه
وإنِّي لظمآنٌ إليكِ وصادي
ذكرتكِ إن هبَّتْ شمالاً وإن بدا
لعينيَّ من تلك المعالمِ بادي
متى ما أُرِدْ سيرًا إليكِ تَرُدَّني
مخافةُ آسادٍ هناك عوادي
وقد سقطت في يد النصارى سنة ٦٤٣ هـ، وقد هجم عليها بنو الأحمر عدَّة مرات وسيطروا عليها، لكنَّها لم تلبث في يدهم طويلاً.
ذكرها أبو البقاء صالح بن شريف الرُّندي (ت: 684 هـ) في نونيَّته التي يرثي بها الأندلس؛ إذ يقول:
فاسأل بلنسيَةً ما شأن مرسيَةٍ ♦♦♦ وأين شاطبةٌ أم أينَ جيَّانُ
وينسبُ إليها كثيرٌ من العلماء والشعراء، نَكتفي بذكر اثنين من أشهر أعلامها:
(1) السفير والشاعر يَحيى بن الحكم الغَزَال البكري (ت: 250 هـ): سفير الأمير عبدالرحمن بن الحكم إلى إمبراطور القسطنطينية وملك النورمان (الدنمارك)، وقد عُمِّر حتى عاصر خمسةً من أمراء الأندلس، وفي ذلك يقول:
عاصرتُ بالمصر ملوكًا أربعَهْ ♦♦♦ وخامسًا هذا الذي نحنُ معَهْ
(2) العلَّامة النحوي جمال الدين محمد بن عبدالله بن مالك الطائي: صاحب الألفية المشهورة في النحو، نزيل دمشق، المتوفى بها سنة ٦٧٢ هـ.
إرسال تعليق