رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن بيع العربون

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن بيع العربون



بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
ذكر الفقهاء هذا النوع من البيوع في كتبهم قديمًا، ولا زال الناس يتعاملون به في حياتهم اليومية، ولا زالت هذه المسألة تتجدد يومًا بعد يوم بما نسمعه من أسئلة الناس عنها؛ لذا سأحاول باختصار إيضاح حقيقة هذه المسألة:
أولًا: تعريف بيع العربون:
1) تعريف العربون لغة:
العَرَبون بفتحتين كحَلَزون، والعُرْبون وزان عُصفورٍ، لغة فيه،والعربان بالضم لغة ثالثة،وهو معرَّب، وفسروه لغة: بما عُقد به البيع[1]،قال في لسان العرب: "... العربون وهو أن يشتري السلعة ويدفع إلى صاحبها شيئًا، على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن، وإن لم يمضِ كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري"[2].
2) تعريف العربون في الاصطلاح:
عرِّف بعدة تعريفات، فقيل: هو "أن يشتري السلعة من غيره، ويدفع إليه دراهم، على أنه إن أخذ السلعة فهي من الثمن، وإلا فهي للمدفوع إليه مجانًا"[3].
وقال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: "والعربون في البيع هو: أن يشتري السلعة، فيدفع إلى البائع درهمًا أو غيره، على أنه إن أخذ السلعة، احتسب به من الثمن، وإن لم يأخذ، فذلك للبائع"[4].
ثانيًا: حكم بيع العربون:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: عدم جواز بيع العربون:
وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية[5]، والمالكية[6]، والشافعية[7]، وفي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد[8].
واستدلوا بالأدلة الآتية:
1- قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29].
وأخذُ العربون من أكل أموال الناس بالباطل؛قال القرطبي: "ومِن أكل أموال الناس بالباطل بيع العربان..،فهذا لا يصلح، ولا يجوز عند جماعة فقهاء الأمصار؛ من الحجازيين والعراقيين؛ لأنه من باب بيع القِمار، والغرر، والمخاطرة، وأكل المال بالباطل، بغير عوض ولا هبة، وذلك باطل بالإجماع"[9].
ويناقش: بأن هذا استدلال عام؛ فالله في الآية ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقِمار والمكاسب الرديئة،بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف؛ لأن هذا من الباطل وليس من الحق.
ثم إنه لما حرم أكلها بالباطل، أباح لهم أكلها بالتجارات، والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره، ومنها شرط العربون؛ فهو من التجارة عن تراضٍ.
ويؤكد هذا أن بيع العربون فيه مصلحة للبائع؛ أن المشتري إذا سلم العربون فإن في هذا دافعًا لتتميم البيعة،وفيه كذلك مصلحة للمشتري؛ لأنه يكون بالخيار في رد السلعة إذا دفع العربون، بينما لو لم يدفعه للزمه البيع.
2- عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان"[10].
ويناقش: بأن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة؛ كما تقدم في تخريجه.
3- وعللوا لقولهم هذا بأن في بيع العربان معنى الميسر، وأنه بمنزلة الخيار المجهول؛ فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة، كما لو قال: ولي الخيار، متى شئت رددت السلعة ومعها درهم، وقالوا: ولا يصح أن يكون العربون مستحقًّا للبائع كعوض عن انتظاره، وتأخر بيعه؛ لأنه لو كان عوضًا عن ذلك، لَمَا جاز جعله من الثمن في حال الشراء، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت، لوجب أن يكون معلوم المقدار، كما في الإجارة[11].
ويناقش: بأن الخيار في بيع العربون ليس مجهولًا كالميسر؛ لأن جهالة الميسر تجعل المتعاملينِ به بين الغُنم والغُرم، أما هذه فإن البائع ليس بغارم، بل البائع غانم، وغاية ما هنالك أن ترد إليه سلعته، ومن المعلوم أن المشتري لو شرط الخيار لنفسه مدة يوم أو يومين كان ذلك جائزًا، وبيع العربون يشبه شرط الخيار، إلا أنه يعطى للبائع جزء من الثمن إذا رد إليه السلعة؛ لأن قيمتها قد تنقص إذا علم الناس بهذا، ولو على سبيل التقديم، ففيه مصلحة.
فأمر الغرر في بيع العربون ليس واضحًا؛ فالمبيع معلوم، والثمن معلوم، والقدرة على التسليم قائمة، اللهم إلا أن نقول: إن الغرر ناتج عن احتمال نكول المشتري عن الشراء، والحقيقة أن النكول لا غرر فيه؛ لأن البائع يقدر سلفًا هذا الأمر، ويحسُبُ حسابه، ثم إن هذا الأمر موجود في خيار الشرط، وخيار الرؤية، ونحوهما.
القول الثاني: جواز بيع العربون.
وهو قول عمرَ وابنِه عبدالله رضي الله عنهما، وقال به محمد بن سيرين، وسعيد بن المسيَّب[12]، وهو مذهب الحنابلة في المشهور عندهم، وهو من مفردات المذهب[13]، واستدلوا لذلك بما يلي:
1- ما رُوي أن نافع بن الحارث اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية بأربعمائة، إن رضيها أخذها، وإن كرهها أعطى نافعٌ صفوانَ بن أمية أربعمائة[14]، وقد سئل الإمام أحمد: تذهب إليه؟ قال: أيَّ شيء أقول؟ هذا عمر رضي الله عنه"[15].
3- ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع العربان، فأحَلَّه[16].
ويناقش: بأنه حديث ضعيف، كما تقدم في تخريجه.
3- عن ابن سيرين، قال رجلٌ لكريه: أرحل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهمٍ، فلم يخرج، فقال شريحٌ: "من شرط على نفسه طائعًا غير مكرهٍ، فهو عليه"، وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلًا باع طعامًا، وقال: إن لم آتك الأربعاء، فليس بيني وبينك بيعٌ، فلم يجئ، فقال شريحٌ للمشتري: "أنت أخلفت، فقضى عليه"[17]، والكري هو المكاري الذي يؤجر الدواب للسفر، وأرحل ركابك؛ أي: شد على دوابك رحالها استعدادًا للسفر.
ووجه الدلالة: أن القاضي قد قضى على المشترط بما اشترطه على نفسه من غير إكراه.
الترجيح:
والذي يترجح بعد استعراض أدلة القولين - والله أعلم - جواز بيع العربون، مع إضافة قيدٍ مهمٍّ له، وهو تحديد المدة، واحتفاظ البائع بمحل العقد الذي فيه عربون، فليس له التصرف فيه، كما أن حق العربون ليس قابلًا للتداول[18]،وأنه يبقى على الأصل، وهو الإباحة؛ وذلك لما يلي:
1- من المعلوم أن طريقة العربون هي وثيقة الارتباط العامة في التعامل التجاري في العصور الحديثة، وتعتمدها قوانين التجارة وأعرافها، وهي أساس لطريقة التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل والانتظار، والأصل في العقد والشروط الحِلُّ.
2- ضعف حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - كما تبيَّن لنا عند تخريجه - وعدم انتهاضه للاحتجاج، خاصة أنه يدور على رجل مُبهَم.
3- إن واقعة شراء دار صفوان بن أمية التي استدل بها الحنابلة تشبه بيع العربون من جهة وجود الشرط في كل منهما، ولأنه في المسألتين يستحق البائع من المشتري الناكل مبلغًا من المال، وكون هذا المال يتسلمه البائع سلفًا في بيع العربون أو يبقى دَينًا في ذمة الناكل في مسألة شراء دار صفوان، هذا الفرق غير مؤثر في تحقق الشَّبَه بين الواقعتين، ما دام الحكم فيهما واحدًا، وهو الجواز.
والاستدلال بواقعة شراء دار صفوان: استدلالٌ سليم وقويم؛ لأنه يشبه العربون تمامًا، ولا خلاف بينهما إلا في الشكل، أما في المضمون فإنهما متفقان.
4- ومما يدل على أن فيه مصلحة راجحة: أن عدم اشتراطه قد يسبب خصومات ومفاسد كبيرة، خاصة في الاستصناع؛ حيث يصنع العامل للمشتري ما يريد، فيضمن العربون للعامل أخذ المشتري للبضاعة، ويضمن للمشتري عدم غش الصانع، أو بيعه البضاعة لغيره، أو هروبه عنه، ومماطلته في حال لو دفع الثمن كاملًا، وفي حالة عدم دفع أي شيء من المبلغ المتفق عليه، فأصبح العربون (صمام) أمان في كثير من المعاملات التجارية، إن لم يكن جميعها، ومعلوم تشوُّفُ الشارع الحكيم إلى مثل هذه الأمور التي تمنع الشحناء والبغضاء والغش في التعامل بين المسلمين، وقد جرى على هذا العملُ بين الناس.
5- وهذا ما أخذ به مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة؛ حيث جاء في قراره: "بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بيع العربون، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
1 - المراد ببيع العربون: بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغًا من المال إلى البائع، على أنه إن أخذ السلعة، احتسب المبلغ من الثمن، وإن تركها فالمبلغ للبائع، ويجري مجرى البيع الإجارةُ؛ لأنها بيع المنافع،ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السلم)، أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية والصرف)،ولا يجري في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة، ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة.
2 - يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمنٍ محدودٍ،ويحتسب العربون جزءًا من الثمن إذا تم الشراء، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء"[19]، واختار هذا القولَ جماعة من المعاصرين[20].
لكن لو ترك البائع العربون لكان أفضل؛ فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أقال مسلمًا، أقاله اللهُ عثرته))[21].
(من أقال مسلمًا)؛ أي: بَيْعَه، (أقاله الله عثرته)؛ أي: غفر زلَّته وخطيئته،قال في إنجاح الحاجة: صورة إقالة البيع: إذا اشترى أحد شيئًا من رجل، ثم ندم على اشترائه؛ إما لظهور الغَبْن فيه، أو لزوال حاجته إليه، أو لانعدام الثمن، فرد المبيعَ على البائع، وقَبِل البائعُ ردَّه - أزال الله مشقته وعثرته يوم القيامة؛ لأنه إحسان منه على المشتري؛ لأن البيع كان قد بُتَّ فلا يستطيع المشتري فسخه[22].
التطبيق المعاصر:
إذا تقرر جواز بيع العربون، على الراجح من أقوال أهل العلم، فإن حجز البضاعة أو العقار، يعتبر من صور بيع العربون عند القائلين به؛ قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: "فأما إن دفع إليه قبل البيع درهمًا، وقال: لا تَبِعْ هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها منك، فهذا الدرهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقدٍ مبتدئٍ، وحسَب الدرهم من الثمن - صحَّ؛ لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، ويحتمل أن الشراء الذي اشتُرِيَ لعمر كان على هذا الوجه، فيحتمل عليه جمعًا بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلين بفساد العربون، وإن لم يشترِ السلعة في هذه الصورة، لم يستحقَّ البائعُ الدرهم؛ لأنه يأخذه بغير عوضٍ، ولصاحبه الرجوع فيه، ولا يصح جعله عوضًا عن انتظاره وتأخر بيعه من أجله؛ لأنه لو كان عوضًا عن ذلك، لَمَا جاز جعله من الثمن في حال الشراء، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار، كما في الإجارة"[23].
وورد في الموسوعة الفقهية الكويتية: "إن دفع المشتري إلى البائع درهمًا، وقال: لا تبِعْ هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها منك، فهذا الدرهم لك:
أ - فإن اشتراها بعد ذلك بعقدٍ مبتدَأ، واحتسب الدرهم من الثمن - صحَّ؛ لأن البيع خلا عن الشرط المفسد،ويحتمل أن شراء دار السجن من صفوان بن أمية الذي وقع لعمر، كان على هذا الوجه، فيحمل عليه، جمعًا بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلين بفساد بيع العربون.
ب - وإن لم يشترِ السلعة، لم يستحقَّ البائع الدرهم؛ لأنه يأخذه بغير عوض، ولصاحبه الرجوع فيه،ولا يصح جعله عوضًا عن انتظاره، وتأخُّر بيعه من أجله؛ لأنه لو كان عوضًا عن ذلك، لَمَا جاز جعله من الثمن في حال الشراء، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه، ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار، كما في الإجارة"[24].
وبهذا يكون عندنا ثلاث مسائل:
الأولى: إن كان إبطال البيع من جهة المشتري، فيكون للبائع حق أخذ العربون؛ لِما تقدم من الأدلة.
الثاني: أن يكون إبطال البيع من جهة البائع، وهنا لا يستحق البائع شيئًا من العربون، ويجب عليه إعادة مبلغ العربون إلى المشتري كاملًا.
الثالثة: هل لأهل السمسرة والسعي شيء من العربون؟ فيرجع في ذلك إلى أعراف الناس؛ لأن الشرط العرفي يجري مجرى الشرط اللفظي[25].
ولا بد من التنبيه هنا على بعض الأحكام المتعلقة بالعربون:
أولًا: العربون يدخل في عقد الإجارة كما يدخل في عقد البيع؛ قال الإمام النووي: "ومنها بيع العربان، ويقال: العربون، وهو أن يشتري سلعةً من غيره ويدفع إليه دراهم، على أنه إن أخذ السلعة فهي من الثمن، وإلا فهي للمدفوع إليه مجانًا،ويفسر أيضًا بأن يدفع دراهم إلى صانعٍ ليعمل له خفًّا أو خاتمًا، أو ينسج له ثوبًا، على أنه إن رضيه، فالمدفوع من الثمن، وإلا فهو للمدفوع إليه"[26].
ثانيًا: لا يدخل العربون في بيع الذهب إن تم العقد بين المتعاقدين، ويصح العربون - حجز البضاعة - إن لم يتم العقد، والفرق بين الحالتين واضح.
ثالثًا: العربون يختلف عن المبالغ التي تدفع للدخول في المناقصات أو المزايدات، فهذه ينبغي ردها إذا لم تكن الصفقة أو المزايدة لصالح دافع المبلغ؛ لأنها بمثابة إظهار الجدية فحسب،فتحتسب من الثمن إذا كانت لصالح المشارك في المناقصة أو المزايدة، أو عليه إن لم يكن كذلك"؛ موقع الدكتور النشمي.
رابعًا: لا يعتبر هامش الجدية في المرابحة عربونًا، وهذا المبلغ المقدم لضمان الجدية إما أن يكون أمانة للحفظ لدى المؤسسة، فلا يجوز لها التصرف فيه، أو أن يكون أمانة للاستثمار بأن يأذن العميل للمؤسسة باستثماره على أساس المضاربة الشرعية بين العميل والمؤسسة،ولا يجوز للمؤسسة حجز مبلغ هامش الجدية في حالة نكول العميل عن تنفيذ وعده الملزم، وينحصر حقها في اقتطاع مقدار الضرر الفعلي المتحقق نتيجة النكول، وهو الفرق بين تكلفة السلعة وثمن بيعها لغير الآمر بالشراء،والتفريق بين هامش الجدية والعربون أوضحه معيارُ المرابحة الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: "ويفصل المعيار بين مصطلح العربون ومصطلح هامش الجدية، خاصة وأن بعض المصارف درجت على استخدام الأول بمعنى الثاني؛ إذ إن العربون بلغة الفقه هو: مبلغ من المال يدفعه العميل إلى البائع، على أن يكون جزءًا من الثمن إن اختار العميل شراء السلعة، وإلا فإنه يذهب للبائع،أما هامش الجدية فهو المبلغ الذي يدفع للمأمور تأكيدًا على جدية الآمر في طلب السلعة،فإن عدل الآمر في حالة الإلزام، جُبِر الضرر الفعلي من هذا المبلغ، ويعاد الباقي إلى الآمر، فإذا لم يَفِ هامش الجدية بالضرر، فللمأمور أن يعود على الآمر بما تبقى من الخسارة،ويجوز للدائن أن يطلب ضمانًا من المدين، ويجوز أن تكون السلعة المبيعة من الضمانات".
خامسًا: بيع العربون يشبه شرط الخيار، إلا أنه يعطى للبائع جزء من الثمن إذا رد إليه السلعة؛ لأن قيمتها قد تنقص إذا علم الناس بهذا، ولو على سبيل التقديم، ففيه مصلحة.
وفيه أيضًا مصلحة للبائع من وجه آخر: أن المشتري إذا سلم العربون، فإن في هذا دافعًا لتتميم البيعة، وفيه كذلك مصلحة للمشتري؛ لأنه يكون بالخيار في رد السلعة إذا دفع العربون، بينما لو لم يدفعه للزمه البيع".
________________________________________
[1] انظر: لسان العرب (13/ 284)، والقاموس المحيط (1/ 136)، والمصباح المنير (2/ 401).
[2] لسان العرب (10/ 486).
[3] الشرح الكبير (4/ 58)، تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج (4/ 322)، روضة الطالبين (3/ 61)، كشاف القناع عن متن الإقناع (3/ 195).
[4] المغني لابن قدامة (6/ 331).
[5] المبسوط (4/ 26).
[6] التاج والإكليل لمختصر خليل (4/ 369).
[7] أسنى المطالب (2/ 31).
[8] المغني (6/ 331 - 332).
[9] الجامع لأحكام القرآن (5/ 150).
[10] أخرجه أحمد (6723)، وأبو داود (3502)، وابن ماجه (3502)،وقال البيهقي في السنن الكبرى (5/ 342): فيه عاصم بن عبدالعزيز الأشجعي، فيه نظر، وحبيب بن أبي حبيب ضعيف، وعبدالله بن عامر وابن لهيعة لا يحتج بهما، والأصل فيه مرسل مالك.
وقال ابن عبدالبر في الاستذكار (5/ 273): لا نعرفه من وجه يصح،وقال النووي في المجموع (9/ 334): ضعيف،وقال المزي في تهذيب الكمال (4/ 116): فيه حبيب بن أبي حبيب، قال أبو حاتم والنسائي: متروك الحديث، وقال أبو داود: كان مِن أكذب الناس.
[11] الشرح الكبير (3/ 59).
[12] المغني (6/ 312).
[13] الإنصاف (4/ 358).
[14] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10962)، ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 392)، وعلقه البخاري، كما في فتح الباري شرح صحيح البخاري، (5/ 91)، وفي إسناده عبدالرحمن بن فروخ العدوي مولاهم، قال في تقريب التهذيب، (1/ 348): "مقبول، من الثالثة، ولم يصرح البخاري بذكره"، وقد ذكره في الثقات لأبي حاتم (7/ 87)، ومع هذا يظهر - والله أعلم - أن هذا الأثر مما يحتج به، خاصة أن عمرو بن دينار كان يفتي به، ويحتج به، وكذلك كان الإمام أحمد يحتج به، فذكره في مَعرِض الاستدلال على جواز بيع العربون، كما نقل عنه ابن قدامة في المغني، (6/ 331)، وكما نقلنا عنه في المتن،ومما يقوي هذا الحديث أيضًا أن قصة شراء عمر بن الخطاب دارًا للسجن بمكة من صفوان بن أمية قد اشتهرت بين أهل العلم.
[15] انظر: المغني لابن قدامة (6/ 331).
[16] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (7/ 304) من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، به، وهذا إسناد ضعيف؛ فإن بين هشام وزيد مفاوز؛إعلام الموقعين (5/ 377).
وعزاه الشيخ عبدالحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (3/ 245) والشوكاني في نيل الأوطار (3/ 523) إلى مصنف عبدالرزاق.
ولم أجده في المطبوع منه، وقد ضعفه كلٌّ من الإشبيلي والشوكاني؛ لأن في إسناده إبراهيم بن يحيى، وهو ضعيف،وقال ابن عبدالبر: "هذا لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه يصح، وإنما ذكره عبدالرزاق الأسلمي عن زيد بن أسلم مرسلاً، وهذا مثله ليس حجة".
انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/ 150)، والتلخيص الحبير (3/ 17).
[17] انظر: المدخل الفقهي (1/ 495 - 496).
[18] انظر: ضوابط وتطوير المشتقات المالية في العمل المالي (6).
[19] انظر: مجلة المجمع، العدد (8)، (1/ 641).
[20] انظر: حكم بيع العربون في الإسلام، د.ماجد أبو رخية.
[21] أخرجه أبو داود (3460)،وقال ابن الملقن في البدر المنير (6/ 556): إسناده على شرط الصحيح.
[22] عون المعبود (9/ 237).
[23] المغني لابن قدامة (6/ 312).
[24] الموسوعة الفقهية (9/ 95).
[25] انظر: إعلام الموقعين لابن القيم (4/ 318 - 319)، (5/ 129).
[26] روضة الطالبين (3/ 399).

اكتب تعليق

أحدث أقدم