رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه الفن والأدب

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن فقه الفن والأدب



بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
مما لاشك فيه أن الفن هو الإبداع، الابتكار، البساطةُ النابعة من النفس، التوازن، الجمال، باختصار:
الفن هو الإتقان، هو الإحسان، وما يخالف هذا التعريف - عندي - على الأقل ليس بفنٍّ، وإن سُمِّيَ فنًّا.
عندما يعمل الإنسان عملَه، ولا يتفنَّن فيه، فعمله آليٌّ لا إتقان فيه ولا إحسان، بعبارة أخرى: إن كان الإنسان يعمل أعماله بلا فنٍّ، فهو إنسان عادي، مهما بدا له غير ذلك، وليس ذلك بضارِّه شيئًا، فقط لا يظنَّ أنه بلغ شيئًا، والله أعلم.
ألم يصادفك عمل مترجم (مقال أو قصة مثلًا) ولم تشعر معه بارتياح وأنت تقرؤه؟ تلك ترجمة لم يصاحبها فنٌّ نابع من أعماق نفس المترجم؛ لذلك فترجمته جافَّة لا روح فيها.
وعندما تتذكَّر بعض المدرِّسين وهم يقفون حاجزًا مانعًا بين طلابهم وبين المعرفة التي يسمعها الطلاب منهم ولا يرونها من خلالهم - تجزم بأن تدريسَهم ينقصه الفنُّ الذي يجعلهم شفَّافين لا يحجبون المعرفة عن طلابهم، ولا يتركونهم في بحارها ومحيطاتها بلا قبطان.
نفس الشيء يقال عندما يُؤَلَّفُ عمل أدبي (شعر، قصة، رواية ... إلخ)، ولم يكن هذا العمل نابعًا من روح الأديب اللطيفة الذوَّاقة الحساسة المرهفة، فذلك ليس بأدبٍ وإن بدا كالأدب؛ لأن المتلقِّي يستشعر ذلك مهما مدح النُّقاد ذلك العمل وصاحبه.
أحلى الصور الأدبيَّة هي تلك التي تكون فيها الرُّؤى والمشاعر تتدفق، رابطة ما بين صعوبة الحاضر (لتوحي بالصدق) وإمكان المستقبل (لتوحي بالأمل)، تتخلَّل تضاريس البيئة الواقعيَّة متعالية على تحدياتها؛ لترسم لوحة أحلام وآمال تمسُّ شَغافَ القلب والوجدان، هنا يمهد الأدب المبدع لإحداث التغيير الإيجابي في الفكر قبل حدوثه على أرض الواقع، هنا يرتفع منسوب التحفُّز والطموح ليدفع باتجاه الحياة بكل عنفوانها.
هنا تصبح القيود سهامًا من السجَّان تنتقم؛ كما قال الشاعر اليمني محمد محمود الزبيري:
إن القيودَ التي كانت على قدمي ♦♦♦ صارت سهامًا من السجَّان تنتقِمُ
وهنا أيضا يشعُّ قول الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي:
فالشمسُ تطلع في نهار مشرقٍ ♦♦♦ والبدرُ لا يخفيه ليلٌ مظلمُ
ويُبْعَثُ روح الأمل في استعادة أمجاد الأجداد مع قول الشاعر محمد إقبال:
كنا جبالًا في الجبال وربما ♦♦♦ سِرْنا على موج البحار بحارَا
وفي مجال الرواية والمسرحية الأدبية الرائعة تجدُ نفسَك في عالم يمدُّك بالطاقة اللازمة؛ لتعيش حياتك الواقعية تسمو فوق الآلام ومتاعب الحياة، تستشف من عالم القصة كيف تمدُّ اللحظات الرائعة أو العميقة التي عادةً ما تتفلَّتُ من الذهن بسرعة؛ بسبب ظروف البيئة الواقعية؛ لتعيش فيها متلذِّذًا بفكرتها، أو متفكِّرًا فيها.
وفي مجال السيرة الذاتية تعيشُ مع أبطالها وهم يأخذونك في جولات حياتهم، وتقف معهم في كثير من محطات الحياة لتنظر كيف عَبَرُوا تلك الظروف و عَبَّرُوا عنها، عوالمُ مختلفةٌ متعددة، وتجارب عميقة تُعَمِّقُ من نظرتك للحياة.
وبمثل هذا يكون الأدب الرائع فنًّا، فالفن صفة توصف بها الأعمال الجميلة الرائعة، سواء كانت أدبية أو غير ذلك.

اكتب تعليق

أحدث أقدم