رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن بلاغة الإمام الطبرى وشعره

رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن بلاغة الإمام الطبرى وشعره



بقلم \ المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بإسبانيا،
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة
لئن حَظِيَتْ بعض جوانب حياة ابن جرير العلمية والذاتية ببعض التفصيل، إلا أن موضوع بلاغة الطبري وشعرِه كان طَرْقُه قليلاً عند مترجميه، وقد ضمن كتابه (أدب النفوس) أو (الآداب النفسية والأخلاق الحميدة) شيئًا كثيرًا من تلك البلاغة، منها ما نقله عنه الذهبي في السير قال:
"ولأبي جعفر في تأليفه عبارةٌ وبلاغة، فمما قاله في كتابه - الآنف الذكر -: القول في البيان عن الحال الذي يجب على العبد مراعاة حاله فيما يصدر من عمله لله عن نفسه، قال: إنه لا حالة من أحوال المؤمن يغفل عدوه الموكل به عن دعائه إلى سبيله، والقعود له رصدًا بطرق ربه المستقيمة، صادًّا له عنها، كما قال ربه - عز ذكره - إذ جعله من المنظرين: ﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ [الأعراف: 16، 17]، طمعًا منه في تصديق ظنه عليه؛ إذ قال لربه: ﴿ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 62]، فحقٌّ على كل ذي حِجًا أن يجهد نفسه في تكذيب ظنه، وتخييبه منه أمله وسعيه فيما أرغمه، ولا شيء من فعل العبد أبلغُ في مكروهه من طاعته ربه، وعصيانه أمره، ولا شيء أسرَّ إليه من عصيانه ربَّه واتِّباعه أمره.
قال الذهبي: فكلام أبي جعفر من هذا النمط، وهو كثير مفيد".
وفي الحقيقة أمثال هذا الكلام البليغ كثير في التفسير خصوصًا من بقية مطبوع تآليفه، كذلك (التبصير في معالم الدين) من نحو هذا، ففيه بلاغة في التعبير، ومتانة وعمق في الأسلوب والفكرة واضحتان جدًّا، كما تتميز مؤلفاته بقوة عبارته ورصانتها، وتميز عرضه حتى من قرأ شيئًا من أثنائها، ولم يكن اطلع على طريقها المعرِّفة بمؤلفها لانصرف ذهنه إلى كلام أبي جعفر الطبري.
كما أتحفتنا المصادر بأبيات من نظمه، نظمه في مناسبات مختلفة، يدل على توافر ملكة الشعر عنده، ومن ذلك قوله:
خُلقانِ لا أرضى فِعالَهما
بَطَرُ الغِنَى ومَذلةُ الفقرِ
فإذا غَنِيتَ فلا تَكُنْ بَطِرًا
وإذا افتقرتَ فَتِهْ على الدهرِ
وقال:
إذا أُعْسِرْتُ لم يعلَمْ صديقي
وأستَغْني فيستغني صديقي
حيائي حافظٌ لي ماءَ وجهي
ورِفقي في مطالبتي رَفيقي
ولو أني سمحتُ بماءِ وجهي
لكنتُ إلى العُلا سهلَ الطريقِ
وأجاب صديقه أحمد بن عيسى العلوي، وكان من بلده:
يُسيءُ أميري الظنَّ في جهد جاهدٍ
فهل لي بحسن الظن منه سبيلُ
تأمَّلْ أميري ما ظَننْتَ وقُلتَه
فإنَّ جميلَ الظنِّ منك جميلُ
فانظر إلى شعره، فهو خالٍ من التكلُّف، يجري كأنه سليقةٌ له، متضمنًا المقابلة والأمثال والحكم.
وقد ذكره القفطيُّ في كتاب (المحمدين من الشعراء)، وقال: (كان له - رحمه الله - شعر فوق شعر العلماء).
ومن شواهد ملكته البلاغية والشعرية ما اختاره في تفسيره وتاريخه من عيون الشعر، ومنخول الخطب والنثر، وبليغ العبارات؛ ما يشهد له بطول الباع، والتمكن في هذا الفن.

اكتب تعليق

أحدث أقدم