أين هيبة الدولة وسيادة القانون في دراما رمضان ؟
البلطجة الدرامية :
لا حظت في معظم مسلسلات رمضان ٢٠٢٤ تعزيزها للبطولات الفردية ، وأخذ الحق باليد دون الاعتماد على مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة تحديدا في أجهزة الشرطة والقضاء .
ولا يرد أحد ، ويقول إن فكرة الحبكة والصراع والتشويق تقتضي تعزيز مثل هذا النوع من البطولات الفردية التي تكون فوق القانون وترتد بنا إلي عصر ما قبل الدولة .
أرفض هذا النوع من الردود ، وعلي من يدعيه ، أو يكابر به أن يراجع الدراما والسينما في المراحل السابقة ويرى علي سبيل المثال فيلم حياة أو موت الذي تجمعت فيه كل أجهزة الدولة لتمنع المواطن أحمد إبراهيم من تعاطي الدواء الذي صرفه الصيدلي بالخطأ فأبلغ الحكيمدار الذي أذاع منشورا تردد كل خمس دقائق في الإذاعة المصرية:
من حكمدار العاصمة
إلى المواطن أحمد إبراهيم
القاطن بدير النحاس،
لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه،
الدواء فيه سم قاتل .
الدواء فيه سم قاتل.
وأعمال أخري كثيرة جدا قبل هذه المرحلة تسلط الضوء علي هيبة الشرطة والقضاء وكل مؤسسات الدولة في التصدي للجريمة والسيطرة عليها قبل أن تقع .
ولا يرد أحد ويقول يا عم دي مسلسلات والناس عارفة إنها مسلسلات ولا يتأثر بها أحد .
لا والله يا سادة .
الجميع يتأثر بها وأعتقد أن بعض ما نراه من أشكال إجرام حقيقية ماهي إلا تكرار لبعض مشاهد إبراهيم الأبيض و عبدالمالك زرزور ومحمد رمضان .
هذه الأعمال هي القوي الناعمة المباشرة المؤثرة في وجدان الناس وردود أفعالهم .
دور القوة الناعمة من المسلسلات في تشكيل الوعي يعد موضوعًا معقدًا ومتعدد الأبعاد يتناول كيف تؤثر المسلسلات التلفزيونية والإنترنت، على الرأي العام والقيم والمعتقدات على مستوى العالم.
القوة الناعمة، وفقًا لتعريف جوزيف ناي، هي القدرة على التأثير في الآخرين والحصول على النتائج المرغوبة من خلال الجاذبية بدلاً من الإكراه (القوة الصلبة).
في هذا السياق، يمكن للمسلسلات أن تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي والتأثير على المجتمعات بطرق عديدة منها :
تعمل المسلسلات كأدوات لنشر الثقافة والقيم الخاصة بمجتمع معين. على سبيل المثال، المسلسلات الأمريكية تروج للغتها، أسلوب حياتها، قيمها الاجتماعية، وأنماط استهلاكها على مستوى العالم.
تغيير القيم: يمكن للمسلسلات التي تناول مواضيع مثل العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، والتسامح أن تغير القيم والمعتقدات الشخصية وتشجع على النقاش حول هذه القضايا.
التأثير على الهوية والانتماء
تشكيل الهوية: يمكن المسلسلات أن تؤثر على كيفية رؤية الأفراد لأنفسهم وللآخرين، مما يساعد في تشكيل هوياتهم الثقافية والاجتماعية.
تعزيز الانتماء: من خلال تقديم قصص وشخصيات يمكن للمشاهدين التعاطف معها، حيث تسهم المسلسلات في خلق شعور بالانتماء والتواصل العاطفي مع ثقافات بعيدة.
في بعض الحالات، يمكن للمسلسلات أن تلعب دورًا في تشكيل الرأي العام تجاه قضايا سياسية معينة، مما قد يؤثر على السياسة الداخلية .
راجع دراما ما قبل القرن ٢١ لتري كيف كانت الدراما في هذه المرحلة تكرس الهيبة للدولة ولمؤسساتها .
أما في دراما رمضان ٢٠٢٤فالأمور غير ذلك ، وعلي كل من وقع عليه ظلم أن يأخذ حقه بيديه ، فالدولة لن تستطيع إرجاع الحقوق أو رفع الظلم ،وعليه لا بد من هروب محارب ولعب نعمة علي القانون ، وتخفي الشرطة وراء المعلم وغيابها في حق عرب واتفاقها وصداقتها لكبري وغير ذلك من مشاهد تثبت قوة الفرد علي مؤسسات الدولة .
يوجد أمور لا ينبغي أن نتجاهلها في كل مسلسلات رمضان ٢٠٢٤ وأزعم أن هذه الأمور ينبغي أن يحاكم عليها كل المشاركين في صناعة الدراما ومنها :
١- بث روح العنف والحض علي الانتقام بين المتخاصمين .
٢- شيوع عبارات الكراهية والتنمر بأشكال مختلفة فما من مسلسل إلا وجدنا عبارة
حنجيبه تحت رجلي
فضلا عن أبيحرامات مصطفي شعبان وأحمد العوضي صاحب عبارة ورب النار بعد وحش الكون .
٣ - غياب دور مؤسسات الدولة الرسمية كالقضاء والشرطة علي سبيل المثال أو أنهما يأتيان كخطوة ثانية بعد خطوة البطل وعلي سبيل المثال لا الحصر :
أ - لعب الافوكاتو نعمة بالقانون علي كل المستويات وتعاليها بما تفعل علي مستوي وعي الشرطة والقضاء .
ب - مسلسل محارب نموذج صارخ علي عجز مؤسسات الدولة في السيطرة علي الجريمة ودائما محارب هو الهادي للشرطة والسابق بخطوات وكأن المسلسل يزرع فينا أو فيمن وقع عليه ظلم أن يهرب ليثبت براءته لأن الشرطة والقضاء عاجزتان عن إثبات ذلك .
مشكلة كبيرة جدا أن يواجه محارب ضابط الشرطة متشككا وقائلا :
حتشهد باللي سمعته يا رشيد بيه؟
حتشهد باللي سمعته يا رشيد بيه؟
حتشهد باللي سمعته يا رشيد بيه؟
ويهرب المجرم الحقيقي مرة أخري من رشيد بيه ليجري محارب ليسبق الشرطة في القبض علي المجرم ..
وفي الحلقة الأخيرة ينفع القاضي يحكم بالإعدام علي المتهمين شنقا وإلزامهم بالمصاريف الجنائية ؟
ينفع الحكم بالإعدام والإلزام بالمصاريف الجنائية ؟ هو فيه كده ؟
ج - كوبرا بالغ جدا في إثبات البطولة للفرد وتغييب دور مؤسسات الدولة .
د- مسلسل المعلم قاد فيه المعلم مصطفي شعبان مكافحة المخدرات حتي الحلقة ٢٩ و اتفق مع الجهاز علي أن يدير هو الأمور كاملة طوال سبع حلقات علي الأقل كان فيها القائد والمعلم وكبير السوق وكل شيء وكانت الشرطة تابعة له في التنفيذ .
ه - مسلسل صيد العقارب لا تظهر الشرطة إلا بعد وقوع الجريمة .
و- مسلسل العتاولة بأبطاله الثلاثة باسم سمرة وأحمد السقا وطارق لطفي يغيبون كل مؤسسات الدولة فلا وجود لأي عنصر أمني وحوادث القتل والحرق تحدث دون رقابة أو عقاب .
ز - مسلسل رحيل تم سجن برئ لمجرد اعتراف ساذج وقتل أب ونجاة قاتل .
والله هذه الدراما ستؤدي إلي كوارث لا قبل لنا بها .
اتقوا الله في مؤسسات الدولة.
اتقوا الله في مؤسسات الدولة.
اتقوا الله في مؤسسات الدولة.
بقلم .... الاستاذ الدكتور محمد ابو على
استاذ النقد والبلاغة بكلية الآداب بجامعة دمنهور
إرسال تعليق