المال السياسي في الانتخابات المصرية: بين الوعود والواقع

المال السياسي في الانتخابات المصرية: بين الوعود والواقع



المال السياسي في الانتخابات المصرية: بين الوعود والواقع

✍️ بقلم: آية محمود رزق

مع كل موسم انتخابي جديد، يعود المشهد المصري إلى الواجهة بنفس الإيقاع: شعارات، مؤتمرات، ووعود تملأ الفضاء العام. لكن خلف هذا الزخم، يظل سؤالٌ واحد يفرض نفسه: إلى أي مدى يلعب المال السياسي دورًا في توجيه الناخبين؟

المال... بين الدعم والتأثير

من الطبيعي أن يحتاج أي مرشح إلى موارد مالية لإدارة حملته، فالإعلان والتنظيم والتواصل كلها أمور تتطلب تمويلًا. لكنّ الخط الفاصل بين التمويل المشروع والتأثير المبالغ فيه على إرادة الناخبين أصبح أكثر غموضًا.
فهناك مناطق لا تزال فيها الحاجة الاقتصادية تتحكم في القرار الانتخابي، فيتحول الدعم الاجتماعي أو الخدمي إلى وسيلة غير مباشرة لكسب الأصوات.

ظاهرة اجتماعية قبل أن تكون سياسية

ما يحدث لا يمكن قراءته كفعل سياسي بحت، بل كظاهرة اجتماعية مرتبطة بالظروف المعيشية والثقافة الانتخابية.
الكثير من المواطنين ما زالوا يتعاملون مع الانتخابات بوصفها موسمًا مؤقتًا للمكاسب الصغيرة، لا لحظة حقيقية لاختيار ممثل عنهم.
وهنا، يغيب الوعي السياسي لحساب المصالح اليومية، فتضعف المحاسبة، ويتراجع مفهوم المشاركة الواعية.

بين المرشح والناخب… علاقة معكوسة

بدلًا من أن يسعى الناخب لاختيار الأفضل، أصبح بعض المرشحين يسعون إلى كسب الرضا المادي للناخب. هذه العلاقة المعكوسة أنتجت نوعًا من “الصفقة المؤقتة” التي تفقد فيها العملية الانتخابية جوهرها الديمقراطي.
فحين يصبح الصوت الانتخابي وسيلة تبادل، يخسر الجميع: المرشح الجاد، والناخب، والوطن.

التغيير يبدأ من الوعي

لن يتحقق التغيير الحقيقي بسنّ القوانين فقط، بل بترسيخ ثقافة جديدة ترى في الصوت الانتخابي أمانة لا سلعة.
الناخب الواعي هو من يدرك أن اختياره اليوم يحدد شكل حياته غدًا، وأن المشاركة لا تكتمل إلا بالمساءلة بعد التصويت، لا بالاكتفاء بلحظة الإدلاء بالصوت.

خاتمة: ديمقراطية تبدأ من الداخل

المال السياسي قد يصنع مشهدًا انتخابيًا مزدحمًا، لكنه لا يصنع وعيًا.
الديمقراطية الحقيقية لا تُشترى ولا تُباع، بل تُبنى على إدراكٍ جماعي بأن الوطن أكبر من كل دعاية وأغلى من كل مكسب مؤقت.
فحين يصبح وعي المواطن أقوى من حاجته، فقط عندها ستفقد الأموال قدرتها على تحديد مصير الصندوق.

اكتب تعليق

أحدث أقدم