دكتور محمد مطر يكتب: اللوفر بلا موناليزا جديدة.. السرقة التي بدت كأنها من وحي السينما

دكتور محمد مطر يكتب: اللوفر بلا موناليزا جديدة.. السرقة التي بدت كأنها من وحي السينما

 


في مشهد بدا وكأنه مأخوذ من أحد أفلام هوليوود، استيقظت باريس على واقعة غير مسبوقة داخل متحف اللوفر، حين تمكن مجهولون من سرقة مجوهرات التاج الفرنسي في عملية محكمة لا تقل براعة عن أشهر مشاهد السينما البوليسية. لم تكن الواقعة مجرد حادث سرقة عابر، بل ضربة موجعة لذاكرة فرنسا وتاريخها الفني والثقافي الممتد عبر القرون.


السرقة التي تمت في غضون دقائق، استهدفت قطعًا نادرة من مجوهرات التاج، كانت تُعرض داخل قاعة “أبولّون”، وهي القاعة التي تحمل رمزية خاصة في قلب المتحف باعتبارها شاهدة على روعة الفنون الملكية الفرنسية. وبينما كانت الكاميرات توثق كل لحظة، تحرك اللصوص بخفة وثقة لا تقل عن مهارة أبطال أفلام الجريمة، وكأنهم تدربوا على السيناريو طويلاً قبل التنفيذ.


المثير أن طريقة التنفيذ جعلت كثيرين يشبّهون الحادث بأفلام مثل Ocean’s Eleven وThe Thomas Crown Affair، حيث تتقاطع الخطط الذكية مع الدقة المتناهية والجرأة المحسوبة. ولعل الفارق الوحيد بين الخيال والواقع أن هذه المرة لم يكن هناك مخرج ولا ممثلون، بل جريمة حقيقية على أرض الواقع أربكت الأمن الفرنسي وأدهشت العالم.


لم تكن قيمة المسروقات وحدها ما أثار الصدمة، بل القيمة الرمزية لما تم الاستيلاء عليه؛ فالتاج الفرنسي ليس مجرد زينة ملكية، بل قطعة من هوية الأمة الفرنسية وتاريخها الثقافي. ومع كل يوم يمر دون استعادته، تتزايد الأسئلة حول كفاءة الإجراءات الأمنية في المتاحف الكبرى، وكيف يمكن لحراس الفن أن يصونوا الذاكرة الإنسانية من لصوص الزمن الحديث.


لقد أثبتت سرقة اللوفر أن الواقع أحيانًا يتفوق على الخيال، وأن السينما مهما أبدعت في تصوير الجرائم الذكية، تظل عاجزة عن مجاراة جرأة اللصوص الحقيقيين حين يقررون تحويل التاريخ إلى مشهد من تأليفهم هم.


وهكذا وجد العالم نفسه أمام فيلم بلا نهاية بعد، أبطاله مجهولون، ومشاهده ما زالت تُكتب على جدران أحد أعظم المتاحف في التاريخ...

لكن يبقى السؤال الذي يطارد الجميع: أين اختبأت مجوهرات التاج الفرنسي، ومتى تنتهي آخر مشاهد هذه السرقة التي تجاوزت حدود الخيال؟

اكتب تعليق

أحدث أقدم