بقلم / المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن من أعظم ما يفسد العقيدة، ويهدم الإيمان، ويجلب سخط الرحمن، (السحر) ، ذلك الداء الخطير، والشر المستطير، الذي عمّت به البلوى، وانتشر بين الناس جهلاً أو طمعاً أو حسداً.
والسحر يفسد القلوب والأبدان، ويُفرّق بين المرء وزوجه، ويوقع العداوات بين الناس، وهو من كبائر الذنوب، ومن أعمال الشياطين، لا يقع فيه إلا من خلع جلباب الإيمان، ولبس رداء الكفر والعصيان... وهو ذَنْبٌ كَبِيرٌ، وَشَرٌّ مُسْتَطِيرٌ، وَدَاءٌ عُضَالٌ، تَفَشَّى بَيْنَ أَطْيَافِ الْمُجْتَمَعِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ -تَعَالَى-؛ إِنَّهُ السِّحْرُ قَرِينُ الْكُفْرِ؛ الَّذِي هُوَ خَطَرٌ عَلَى عَقِيدَةِ الأَفْرَادِ وَالأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، فَضْلاً عَنْ صِحَّتِهِمُ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ، وَمُكْتَسَبَاتِهِمُ الْمَالِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة: 102].
انتشر السحر خاصةً في زماننا حيث ساعدت الفضائيات على إظهار السحرة للناس, وسهولة تواصلهم واتصالهم بهم, فما أكثر من يتصل بهم ويتواصل معهم, ويستعين بهم وبضلالهم على ما يرجوه .
● السِّحر: عُقَدٌ ورُقًى وكلام يتكلَّم به الساحر، أو يكتبه، أو يعمل شيئًا يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، من غير مباشرة.
والسِّحر له حقيقة، ومن أنكر ذلك فقد كذّب بنصّ القرآن"
● إنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ السَّحَرَةِ وَالْمُشَعْوِذِينَ: سُؤَالَهُمُ الْمَرْضَى عَنْ أَسْمَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَطَلَبُهُمْ مِنْهُمْ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً؛ كَأَخْذِ أَثَرٍ مِنْ شَخْصٍ لِسِحْرِهِ، أَوْ ذَبْحِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ دُونَ ذِكْرِ اسْمِ اللهِ عَلَيْهِ، أَوْ إِعْطَاءِ الْمَرِيضِ حُجُبًا وَطَلاَسِمَ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ.
● وَمِنْ عَلاَمَاتِهِمْ: تِلاَوَةُ كَلِمَاتٍ غَيْرِ مَفْهُومَةٍ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْمَرِيضِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَأْمُرُ الْمَرِيضَ بِأَنْ يَعْتَزِلَ النَّاسَ فَتْرَةً مُعَيَّنَةً فِي غُرْفَةٍ لاَ تَدْخُلُهَا الشَّمْسُ.
- وَأَحْيَانًا يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ لاَ يَمَسَّ الْمَاءَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ يُعْطِيهِ أَشْيَاءَ يَدْفِنُهَا فِي الأَرْضِ .
- وَأَحْيَانًا يُخْبِرُ السَّاحِرُ الْمَرِيضَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ بَلَدِهِ وَمُشْكِلَتِهِ الَّتِي جَاءَ مِنْ أَجْلِهَا بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ الْمَرِيضُ ذَلِكَ، كُلُّ هَذِهِ أَمَارَاتٌ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ سَاحِرٌ يَتَعَامَلُ مَعَ الْجِنِّ.
وَالْعَجِيبُ أَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا بِالشَّيْخِ أَوِ الْفَقِيهِ أَوِ الْمُعَالِجِ الرُّوحَانِيِّ وَهُوَ مُعَالِجٌّ شَيْطَانِيٌّ يَسْلُبُ عَقِيدَةَ الْمَرِيضِ؛ كَمَا رَوَى أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"،
الكبائر للذهبي ، الرقم : 329 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي قال صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ أو أتى امرأةً حائضًا أو أتى امرأةً في دُبُرِها فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ "
أخرجه أبو داود (3904) واللفظ له، والترمذي (135)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9017)، وابن ماجه (639)، وأحمد (10167) حكم المحدث : صحيح
- وعَنْ صَفِيَّةَ ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً "
أخرجه مسلم في "صحيحه"، كتاب : السلام باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان (7/ 37) رقم (2230).
● ومنها: أن يطلب من المريض إحضار شيء من أموره الخاصة كالأظافر والشعر، والثياب الخفيفة.
- فعلينا أن نحذر من خداع هؤلاء السحرة الدجالين, فبعضهم قد يقرأ آياتٍ من القرآن, أو يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ خداعاً للجهلة, ثم يتبع ذلك بطلاسم السحر والشعوذة.
ويجيب على أسئلة المشاهدين ويحاورهم ويصف لهم الأدوية مستخدماً في ذلك السحر أو الكهانة بإخبارهم عن المستقبل، وبعضهم قد يستخدم التمويه فيظهر نفسه راقياً بالقرآن الكريم ليصطاد عقول الجاهلين وأموالهم. ومن خلال هذه البرامج المضلة يجنون أموالاً طائلة.
ومن الوسائل الحديثة التي اتخذها السحرة: الكتاب، والصحيفة، والمجلة، ومواقع النت وصفحاتها، وشبكات التواصل الاجتماعي.
● ومن الوسائل الحديثة أيضاً: إنشاء معاهد تقوم بتعليم التنجيم والسحر، ومنح شهادات للدارسين، وكذلك إنشاء اتحاد المنجمين الذي يضم آلاف الأعضاء.
ومما يدعو للعجب أن السحر والشعوذة قد استخدما في سياسات بعض الدول التي تمتلك أقوى وأرقى وسائل السيطرة على غيرها!
فقد نقلت بعض الصحف عن مدير سابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن علم التنجيم والطوالع كان يقع ضمن اهتمامات الوكالة، وأنها كانت تنظم في عهده دورات منتظمة في هذا المجال لعملائها، وأضاف أن الوكالة قامت في السابق بزرع المتخرجين من هذه الدورات في قصور عدد كبير من زعماء العالم الثالث.
وقد تحدث أيضاً أحد الإخوة الناجين من سجن جوانتاناموا أن الأمريكيين كانوا يستخدمون السحر مع السجناء حينما لم تُجد الأساليب الأخرى.
إن الساحر إنسان ضعيف ذليل عابد للشياطين؛ إذ لا يرتقي إلى مرتبة الساحر حتى يقدم للجن قرابين من دينه، فبعضهم يضع المصحف تحت قدميه ويدخل به الخلاء، وبعضهم يكتب آية الكرسي بدم الحيض، وبعضهم يقطع ورقة من المصحف ويضع بداخلها براز كلب، وغير ذلك من الأعمال الكفرية الشنيعة.
إن انتشار السحر بين الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية -بعد أن كان في إطار الجهلة وعامة الناس- لَيدعو إلى التساؤل عن أسباب ذلك.
● فمن أسباب ذلك: الجهل بالله وعظمته، والجهل بدينه؛ وقد بين النبي -عليه الصلاة والسلام- حرمة وخطر الذهاب إلى السحرة والكهنة،
عن علي بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم " ليس منَّا من تَطيَّرَ أو تُطُيِّرَ له أو تَكهَّنَ أو تُكِهَّنَ له أو سَحَرَ أو سُحِرَ له"
السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم (5/229)
وفي رواية ، " ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه البزار بإسناد جيد.
● ومن الأسباب -كذلك- ضعف الإيمان بالله والثقةِ به والتوكلِ عليه، فأصبح هؤلاء الضعفاء يعلقون قلوبهم بأولئك الدجالين دون الله -تعالى-.
● ومن الأسباب -أيضاً- عرض قضية السحر والسحرة في بعض البرامج، حتى بعض برامج الأطفال، على أنها قضية مستساغة، مما أفقد استعظام شرها في قلوب المسلمين؛ فتساهلوا في سؤال السُّحار والاتصال بهم.
● ومن الأسباب: محبة الاستطلاع، ومعرفة ما يكتنفه الغيب المستقبلي، وهذه الأخبار عن ذلك كلها تخرصات واستضعاف للعقول الجاهلة؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله -تعالى-، قال -تعالى-: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النمل:65]، وقال عن خيرة خلقه: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف:188].
● ومن الأسباب: ضعف الصبر مع كثرة الأمراض واستعجال الشفاء.
● ومن الأسباب: عدم قيام حكومات المسلمين بواجبها تجاه أولئك المجرمين، مما جعلهم يعبثون بعقيدة المسلمين وعقولهم وأموالهم وأعراضهم كيف شاءوا.
بل إن من الدواهي أن بعض ولاة أمور المسلمين ومسؤوليهم يتعاملون مع أولئك الدجالين مغدقين عليهم الأموال، ومنزلين لهم المنازل المرموقة!.
- حرام ،وكفر وشرك مناف للتوحيد بنص القرآن والسنةوذلك لورود الأدلة القطعية على تحريمه
- من القرآن:
قال -تعالى-: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)[البقرة: 102]
- وقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[البقرة:102]؛ أي: قد علم اليهود أن من رضي بالسحر عوضًا عن شرع الله ما له في الآخرة من حظ ولا نصيب؛ لأنه باع دينه بدنياه، وهذا من أبلغ الوعيد، إذ الآية الكريمة دالة على تحريمه،
- قوله -تعالى-: (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)، قال عمر -رضي الله عنه-: "الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان, وقد ذم الله -سبحانه- في الآية اليهود الذين يصدِّقون بالجبت الذي منه السحر".
● من السنة :
- رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ "
أخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب : الوصايا باب قول الله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما (4/ 10) رقم (2766).
والسحر يجمع بين الاعتداء على النفس والمال والعرض، فضلاً عن اعتدائه على حق الله بإشراك غيره معه،
- وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
"مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ " أخرجه النسائي في "المجتبى"، كتاب تحريم الدم باب الحكم في السحرة (7/ 112) رقم (4079).ضعيف الجامع الصغير (٥٧٠٢)
- وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ".
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
أخرجه الترمذي في "الجامع"، أبواب : الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض (1/ 178) رقم (135).
-وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أخرجه الترمذي في "الجامع"، أبواب : الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض (1/ 178) رقم (135).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . وَالْحَسَنِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ".
أخرجه أحمد في "المسند" (15/ 331) رقم (9536).،
● وإتيان الساحر وتصديقه اعتراف له بأن له القدرة على فعل شيء مما لا يجوز أن ينسب إلى بشر؛ لأن ذلك مما لا يقدر عليه إلا الخالق -سبحانه-، وفيه ركون عليه في الأمور التي يطلبها منه وغيرها، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ " أخرجه النسائي في "المجتبى"،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
كتاب تحريم الدم باب الحكم في السحرة (7/ 112) رقم (4079).
، كما أن في إتيانه تصديقًا له في ادعاء أمور هي من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وقد قال -تعالى-: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)[النمل:65].
لقد وقف الإسلام من السحر موقفا حاسما؛ فسدّ كل طريق يؤدي إليه، وحرّم تعلمه وتعليمه وممارسته، وإتيان السحرة، منعا لضرره، وحسما لمادة الخرافة أن تتسلل إلى عقول المسلمين فتعطلها عن التفكير الصحيح، والتخطيط القائم على قانون الأسباب والمسببات الذي قام عليه نظام الكون, بل جعل الإسلام السحر ناقضا من نواقض التوحيد؛ لما ينتج عنه من ضياع لحق الله، وصرف العبادة لغير الله، والمساواة بين الخالق والمخلوق، بما يعتقده الشخص في الساحر، من القدرة على كشف المغيبات، والنفع والضر، ولما يفسده السحر في حقوق الآدميين فكم قتل السحر من أناس، وأمرض آخرين، وأذهب بعقولهم، وفرق بين زوج وزوجته، وسبب العداوة والبغضاء بين أفراد الأسرة الواحدة، وأفسد من أخلاق, وهذا كله فساد وظلم وعدوان، قال -تعالى-: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)[طه:69]، قال ابن قدامة --رحمه الله-: "فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم"(المغني)،
وقال الإمام النووي- رحمه الله-: "وأما تعلمه -أي السحر- وتعليمه فحرام"(المنهاج).
ويقول الشيخ السعدي -يرحمه الله-: "السحر يدخل في الشرك من جهتين: من جهة ما فيه من استخدام الشياطين ومن التعلُّق بهم، وربّما تقرّب إليهم بما يحبون؛ ليقوموا بخدمته، ومطلوبه، ومن جهة ما فيه من دعوى علم الغيب، ودعوى مشاركة الله في علمه، وسلوك الطرق المفْضية إلى ذلك، وذلك من شُعَب الشرك والكفر".
●- وأما الساحر فقد ذهب جماهير العلماء إلى كفره وخروجه من الدين،
واتفق الصحابة على قتله؛ لعظم شره وخطره على الدين والمجتمع.
فعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، سَمِعَ بَجَالَةَ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَأَبَا الشَّعْثَاءِ، قَالَ :
إِذْ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ : اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ" صحيح : أخرجه أبو داود في "السنن"، كتاب : الخراج والإمارة والفيء باب في أخذ الجزية من المجوس (3/ 284) رقم (3043).
- وعَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ جُنْدُبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ ".
أخرجه الترمذي في "الجامع"، أبواب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في حد الساحر (3/ 127) رقم (1460).حكمه ضعيف : ضعيف الجامع الصغير.
- وعن جابر رضي الله عنه: "الساحر يُقتل بالسيف" (الترمذي 1460، صححه الألباني).
-عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ.
قَالَ مَالِكٌ : السَّاحِرُ الَّذِي يَعْمَلُ السِّحْرَ، وَلَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُهُ، هُوَ مَثَلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : { وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } ، فَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ ذَلِكَ إِذَا عَمِلَ ذَلِكَ هُوَ نَفْسُهُ.أخرجه مالك في "الموطأ"، كتاب : العقول ما جاء في الغيلة والسحر (2/ 444) رقم (2553).
والبيهقي والطبراني .
● عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
"
إن الاعتداء بالقول أو بالفعل على المسلمين ظلم كبير، فكيف إذا كان الاعتداء والإيذاء لصالحي عباده وأوليائه؟ قال-تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) [الأحزاب:58].
إن الله -تعالى- قد توعد الظالمين بالعذاب الوبيل في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102].
ويوم القيامة يوم القصاص العادل، وأخذ حق المظلوم من الظالم، وإذا كان القصاص في ضربة سوط ظلماً كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من ضرب بسوط ظلماً اقتص منه يوم القيامة" رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي، وهو صحيح؛ فكيف سيكون حال من خرب على المسلم دنياه ففرق بينه وبين زوجته أو أولاده، أو أذهب عقله،أو أقعده على فراش المرض.
- إن الإيمان القويّ يشكّل حصنًا منيعًا يحول بين الإنسان وبين تسلّط الشيطان عليه، وقد تجلّى ذلك بوضوح في سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
جاء في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمرَ بنِ الخطاب -رضي الله عنه-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ"، وهذا ليس خاصاً بعمر -رضي الله عنه-
ولا حكرًا عليه بل لكل من قوي إيمانه.
- وَالْعَجَبُ مِنْ أُنَاسٍ جُهَّالٍ الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ حَالُ السَّحَرَةِ الْكَذَّابِينَ، وَدَجَلُ الْمُشَعْوذِينَ، فَتَحَيَّرُوا فِيمَا يَصْدُرُ مِنَ السَّحَرَةِ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ؛ كَعِلْمِهِمْ لِلْغَيْبِ فِيمَا يَدَّعُونَ، وَشِفَائِهِمْ لِبَعْضِ الْحَالاَتِ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ شِفَاءَهَا قَبْلَ إِتْيَانِهِ لِلسَّاحِرِ.
وَكَيْفَ يُرْجَى السَّبَبُ فِي الشِّفَاءِ مِنْ عَدِيمِ الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَالْمُرُوءَةِ، الَّذِينَ تَلَبَّسَ الشَّيْطَانُ بِهِمْ؛ فَأَصْبَحُوا خُدَّامَهُ وَمُرِيدِيهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)[الجن: 6].
● السِّحر الحقيقي: وهو الذي يُغيّر الشيء في حقيقة الأمر، كأن يُمرض الإنسان أو يقتل أو يفرق بين المرء وزوجه.
و قدسِحر التفريق من أخطر أنواع السحر ، يُفرّق به بين الزوجين. قال الله تعالى: "فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ" [سورة البقرة: 102]
● السِّحر التخييلي :
وهو ما يُخيَّل للناس على غير حقيقته، فالسحر التخييلى كالذي يجعل الإنسان يرى الشيء على غير حقيقته.
كما فعل سحرة فرعون ، قال الله تعالى:"فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ" [سورة الأعراف: 116]
وكما ايضا في قصة لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي ﷺ (البخاري 5765).
● والسحر له تأثير، ولكن لا يكون هذا إلا بإذن الله، قال -تعالى-: (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)[البقرة: 102]، والمقصود بالإذن الكوني؛ لأنه لا يقع شيء في الكون إلا بإذنه، أما الإذن الشرعي فإن الله لم يأذن بالسحر شرعاً.
فمن السحر -والعياذ بالله- ما يفرق بين الزوجين، قال -تعالى-: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)[البقرة: 102]، ومنه ما يمرض، ومنه ما يقتل، ومنه ما يؤثر على عين الإنسان فيرى الأشياء على غير حقيقتها، إلى غير ذلك من أضرار السحر.
● حرام بالإجماع، ويُعدّ من كبائر الذنوب، بل قد يكون كفراً.
قال ابن قدامة: "ولا يُعلَّم السِّحر ولا يُتعلم، فإن فعل فقد كفر إن اعتقد حلَّه" — [المغني لابن قدامة].
قال صلى الله عليه وسلم: "من تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (أبو داود 3664، صححه الألباني).
قد يُبتلى الإنسانُ بالسحرِ، فالواجبُ عليه الصبرُ، ولا يجوزُ له أن يذهبَ إلى السحرةِ من أجلِ حلِ السحرِ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه في السنن أنه قال: :"من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"
[رواه أحمد (9532) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وصححه الألباني]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا"
[رواه مسلم (2230)]
● من أصيب بالسحر ليس له أن يتداوى بالسحر؛ فإن الشر لا يزال بالشر والكفر لا يزال بالكفر، وإنما يزال الشر بالخير، فيعالج بالقرآن الكريم والأدوية المباحة والرقية المشروعة فهذا لا بأس به, وأما بالسحر فلا يجوز كما تقدم؛ لأن السحر عبادة للشياطين؛ فالساحر إنما يسحر ويعرف السحر بعد عبادته للشياطين, وبعد خدمته لهم, وتقربه إليهم بما يريدون, وبعد ذلك يعلمونه ما يحصل به السحر, لكن لا مانع والحمد لله من علاج المسحور بالقراءة وبالتعوذات الشرعية, بالأدوية المباحة, كما يعالج المريض من أنواع المرض من جهة الأطباء, والشفاء بيد الله منى أراد.
● التوكل على الله -سبحانه وتعالى-، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق: 3]، أي: كافيه، وأن يؤمن الإنسان بأن الأمرَ كلَه لله -سبحانه وتعالى-، وأن الخلق لو اجتمعوا كلُهم إنسُهم وجنهم على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه.
● الرقية الشرعية :
وهي الطريقة المشروعة في العلاج، وتكون بالقرآن والأدعية الصحيحة.
كَالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْمَسْحُورِ، وَقِرَاءَةِ آيَاتِ الرُّقْيَةِ، وَآيَاتِ السِّحْرِ وَالأَذْكَارِ وَالأَدْعِيَةِ بِمَاءٍ أَوْ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْهُ الْمَسْحُورُ وَيَغْتَسِلُ بِبَاقِيهِ، وَقَدْ جُرِّبَ وَنَفَعَ بِإِذْنِ اللهِ
قال تعالى:"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ" [سورة الإسراء: 82]
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، إِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَكَيْفَ تُقَاوِمُ الْأَدْوَاءُ كَلَامَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، الَّذِي لَوْ نَزَلَ عَلَى الْجِبَالِ لَصَدَّعَهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ لَقَطَّعَهَا" الله أكبر! يا له من يقين راسخ، ووثوق باذخ.
إن الرقى من حمة أو عين *** فإن تكن من خالص الوحيينِ
فذاك من هدي النبي وشرعته *** وذاكَ لا اختلافَ في سُنِّيَّته
فأبشروا عباد الله وأملوا، وتدرعوا بالتحصن والتفاؤل.
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ *** أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اللهُ يُحدِثُ بعدَ العُسْرِ ميسرةً *** لا تجزعنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فَثِقْ باللهِ وارضَ به *** إن الذي يكشف البلوى هو اللهُ
واللهِ ما لكَ غيرُ اللهِ مِنْ أحدٍ *** فحسبُكَ اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
● ومن الآيات النافعة في الرقية:
– الفاتحة
– آية الكرسي: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ..." [سورة البقرة: 255]
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قالها (أي آية الكرسي) حين يمسي أُجير من الجن حتى يصبح"
[رواه الحاكم (1/562) وصححه الألباني]
– الآيتان الأخيرتان من البقرة: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ..." [سورة البقرة: 285-286]
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"[رواه البخاري (5009) ومسلم (2714)]
– سورة الإخلاص والفلق والناس ،قال صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا المعوِّذتين، فإنكم لن تقرؤا بمثلهما" [رواه النسائي (9508) وصححه الألباني]
- وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُعوِّذ الحسنَ والحسينَ -رضي الله عنهما- ويقول: "إني أباكما كان يُعوِّذ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"
● تلاوة سورة البقرة، فقد ثبت في صحيح مسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ" قَالَ مُعَاوِيَةُ: "بَلَغَنِي أَنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ".
- وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ".
● بالمداومة على الأذكار والرقية والصدقة، ومنها:
– أذكار الصباح والمساء
" أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة"(البخاري)
و"أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمان"(النسائي).
– دعاء الخروج من المنزل: "بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" [رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426)]
● ومن أسباب الوقاية من السحر:
المحافظة على الأذكار الشرعية، فهناك أذكار الخروج من المنزل، وأذكار دخول المنزل، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار دخول الخلاء، وأذكار النوم، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في سنن الترمذي والحديث صحيح، عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يقول: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ؛ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ".
قال تعالى:{يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ} [النحل: 69].
لحديث "خير ما تداويتم به الحجامة" (البخاري 5696).
وعليهم التحصن بالقرآن والسنة، تلاوة وسماعاً للقرآن في البيوت، والمداومة على أذكار الصباح والمساء وأذكار دخول المنزل والخروج منه، .
وعليهم -كذلك- ترك الأوهام والخيالات والشكوك بالناس، وأن يعتقد المسلم أنه لن يحصل شيء إلا بإذن الله -تعالى-؛ قال -تعالى-: (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) [طه:69].
اللَّهُمَّ إني أعوذُ بك من السِّحرِ والسَّحَرةِ، ومن كلِّ نفسٍ خبيثةٍ أو عينٍ حاسدةٍ، وأعوذُ بك من شرِّ ما خَلَقتَ، وشرِّ ما أنت آخذٌ بناصيته، اللَّهُمَّ ابطِلْ كلَّ سحرٍ وشرٍّ عُمل لي، أو أُريدَ به أذيتي، أو أُرسلَ عليَّ، اللَّهُمَّ اجعل كيدَهم في نحورهم، وافتحْ لي أبوابَ رحمتِك وعافيتِك، إنك أنتَ القويُّ القادر.

إرسال تعليق