الرقم 7: الكود الكوني للغموض والكمال والروح
بقلم: آية محمود رزق
الرقم 7 هو من أكثر الأرقام التي حملت طابعًا مقدسًا وروحانيًا عبر العصور وقد حيّر العلماء والروحانيين والفلاسفة لما فيه من تكرار لافت في كل ما حولنا حتى بات يعتقد الكثيرون أن له طاقة خاصة أو رمزية كونية تتجاوز الفهم العادي فالرقم 7 لا يظهر فقط في النصوص الدينية أو الأساطير بل أيضًا في بنية الطبيعة والكون وفي النفس البشرية ولهذا السبب أصبح الرقم 7 مركزًا للبحث والدراسة والتأمل والتقديس في آنٍ واحد وإذا أردنا أن نعرف لماذا الرقم 7 بالذات دون غيره فسنجد أن له علاقة ببنية العالم وأنماط التفكير والرموز الغيبية التي تظهر في كل الثقافات مما يدل على أن الرقم 7 يحمل بصمة كونية مشتركة في الطبيعة والكون نجد أن الرقم 7 يتكرر بصورة مذهلة فمثلًا الطيف الضوئي يتكون من سبعة ألوان وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي وهذه حقيقة فيزيائية لا جدال فيها أما القارات فهي سبع قارات رئيسية معترف بها عالميًا وهي آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأستراليا وأنتاركتيكا والبحار أيضًا ارتبطت بالرقم 7 في التراث العالمي القديم الذي كان يرمز بهذا الرقم إلى سعة الماء وانتشاره وفي النظام الزمني نجد أن الأسبوع مكوّن من سبعة أيام وهي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت وقد ارتبط هذا التقسيم بحركة الكواكب السبعة التي كانت معروفة قديمًا وهي الشمس والقمر والمريخ وعطارد والمشتري والزهرة وزحل وهذه الكواكب كانت تُرى بالعين المجردة ولذلك بني عليها التقويم الزمني واحتُرم هذا النظام في مختلف الحضارات أما من الناحية الدينية فإن الرقم 7 يحتل مكانة عظيمة ففي الإسلام الطواف حول الكعبة يكون سبعة أشواط وكذلك السعي بين الصفا والمروة ورجم الشيطان بسبع حصيات والجنة والنار لكل منهما سبعة أبواب وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم كذلك الصلاة فيها سجود على سبعة أعضاء كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم وهي الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين وفي الحديث النبوي أيضًا أن السموات سبع والأرضين سبع كما في قوله من أخذ شبرا من الأرض ظلمًا طوقه الله من سبع أرضين وفي المسيحية نجد أن الله خلق الكون في ستة أيام واستراح في اليوم السابع ولهذا أصبح اليوم السابع مقدسًا وعلامة على الكمال الإلهي وهناك أيضًا الخطايا السبع المميتة والفضائل السبع والشمعدان المقدس عند اليهود المنورة يتكون من سبعة أفرع ترمز إلى نور الله الكامل كما أن السبت هو اليوم السابع وهو يوم الراحة والعبادة عندهم في علم النفس يعتبر الرقم 7 من الأرقام المهمة جدًا فقد أشار العالِم جورج ميلر في دراسته الشهيرة عام 1956 إلى أن الذاكرة قصيرة الأمد لدى الإنسان لا تستطيع الاحتفاظ بأكثر من 7 عناصر ±2 وهو ما جعله يُطلق على الرقم 7 اسم الرقم السحري ولهذا السبب نجد أن أرقام الهواتف وكلمات المرور كثيرًا ما تتكون من سبعة أرقام أو أحرف لأنه توازن بين سهولة الحفظ وصعوبة التخمين ولهذا فإن الرقم 7 لا يملك فقط بعدًا دينيًا أو رمزيًا بل علميًا أيضًا يعكس طبيعة الدماغ البشري وكيفية تعامله مع المعلومات في الفلسفة والرمزية الروحية فإن الرقم 7 يجمع بين الرقم 3 الذي يرمز إلى الروح والرقم 4 الذي يرمز إلى المادة فيصبح 7 هو توازن الروح والمادة أي الإنسان الكامل ولهذا فإن الرقم 7 يمثل الاكتمال الداخلي والتوازن بين الطاقات المتضادة وهذا ما يجعل الرقم يظهر في الثقافات الشرقية مثل اليوغا والطاوية حيث نجد أن الإنسان يمتلك سبع شاكرات أساسية وهي مراكز طاقة داخل الجسد كل منها مسؤول عن جانب معين من الوعي والوظائف الحيوية تبدأ بالشاكرة الجذرية التي تمثل الغرائز وتنتهي بالشاكرة التاجية التي تمثل الاتصال بالروح والعالم العلوي وهذا التسلسل يجعل من الرقم 7 رمزًا للارتقاء والنمو الروحي من المادة إلى الروح في علم الفلك القديم ارتبط الرقم 7 بالكواكب السبعة المعروفة وكان يُعتقد أن لكل كوكب تأثير روحي وطاقي على الإنسان واليوم لا يزال بعض الفلكيين يستخدمون هذا الرقم في تحليل الشخصية والتوقعات الفلكية كما أن الرقم 7 في الفلك الكوني يرتبط بدورات المجرات وتكوينات النجوم فمثلًا بعض الثقوب السوداء تنشأ من أنظمة نجمية ذات دورات ثنائية تتكرر كل سبع مراحل كما أن القمر يمر بأطوار رئيسية كل 7 أيام تقريبًا وهو ما يؤثر على حركة المد والجزر وعلى الحالة النفسية عند بعض البشر حسب إيقاع القمر الحيوي أما في الطقوس السحرية فإن الرقم 7 من أكثر الأرقام استخدامًا في الأعمال والعزائم حيث يُعتقد أن الرقم 7 يفتح بوابات خفية بين العالم المادي والعالم الروحي وتُكتب الطلاسم عادة بسبع نسخ وتُقرأ التعاويذ سبع مرات ويُكرر القسم سبعًا لاستحضار الطاقات أو الكيانات غير المرئية وفي كتاب شمس المعارف الكبرى الذي يُعد من أشهر كتب السحر العربي نرى استخدام الرقم 7 في معظم الفصول والعزائم وكذلك في كتب مثل العزيف والسحر الأحمر ويُقال أن الرقم 7 يرضي الجن ويُستخدم في أعمال الحماية أو التفريق أو الجلب حسب النية ويُرسم في بعض الطلاسم دائرة داخلها نجمة سباعية تمثل سبع طاقات خفية محيطة بالإنسان في الأساطير والحكايات القديمة كان الرقم 7 يظهر باستمرار ففي التراث الأوروبي يُقال أن القط يملك سبع أرواح وفي حكايات بياض الثلج كان هناك سبعة أقزام وفي القصص العربية هناك السندباد الذي قام بسبع رحلات وفي الثقافة الغربية توجد عجائب الدنيا السبع التي اعتُبرت ذروة الإبداع البشري قديمًا ويقول البعض إن الرقم 7 في هذه القصص ليس اعتباطيًا بل يحمل دلالة خفية على أن الرقم 7 يرمز للمعجزة أو للمرحلة الأخيرة قبل التحول الكامل ولهذا يُعتبر الرقم 7 رمزًا للمعرفة الغامضة والعبور من الظلام إلى النور ومن ناحية الطاقة الباطنية فإن الرقم 7 يُستخدم في العلاج بالطاقة والتنفس والتأمل حيث يُطلب من المتأمل أن يكرر أنفاسه سبع مرات أو يجلس في تأمل سبع دقائق أو يردد المانترا سبعًا ويُقال إن الرقم 7 يعيد توازن الهالة ويحرر الطاقات المحبوسة كما أن الصخور الكريمة ترتبط بالرقم 7 فبعض أنظمة الشفاء تربط بين سبعة أحجار كريمة وكل واحدة ترتبط بشاكرة معينة وبالتالي فإن الرقم 7 يُعتبر مفتاح الشفاء الروحي والجسدي عند كثير من الممارسين خلاصة كل ما سبق أن الرقم 7 ليس رقمًا عاديًا ولا هو مجرد صدفة في التكرار بل هو رمز كوني مشترك بين الأديان والعلوم والأساطير والطاقة والعقل والروح وقد تكون طاقته مخزنة في وعي البشر منذ بدء الخليقة ولهذا يتكرر في كل ما يحيط بنا كعلامة على الكمال والاتساق والتوازن والغموض والارتقاء وربما يحمل الرقم 7 في داخله شفرة سرية لا يفهمها العقل البشري بالكامل ولكنه يشعر بجلالها وتأثيرها ولهذا ستظل أسرار الرقم 7 موضوعًا للبحث والتأمل والدهشة في كل العصور وكل الأديان وكل القلوب الباحثة عن الحقيقة
إرسال تعليق