تحقيق خاص انفجار داخل الفصول الهادئة
الثغرة التي سمحت بالجريمة كيف مكّن غياب الرقابة 3 موظفين من الاعتداء على 5 أطفال داخل مدرسة العبور
إعداد آية محمود رزق
قبل الجريمة كانت هناك منظومة تسمح بوقوعها
ما جرى داخل مدرسة دولية بالعبور لم يكن صدفة ولم يكن واقعة فردية وراء الاتهام الموجّه إلى ثلاثة موظفين بالاعتداء على خمسة أطفال توجد منظومة كاملة من الإجراءات المفقودة والثغرات التي تجمعت عبر سنوات طويلة مهدت الطريق ليحدث ما حدث في أيام قليلة هذا التحقيق يحاول الإجابة عن السؤال الذي لم يُطرح بعد كيف وصلت مدرسة يفترض أنها دولية إلى مرحلة يستطيع فيها ثلاثة من العاملين السيطرة على أماكن بلا رقابة وخلق دائرة انتهاك كاملة داخل بيئة تعليمية
الفصل الأول منطقة العمى كيف تُخلق داخل مدرسة
عندما دخلت لجنة التفتيش وفق شهادات أسر ومصادر داخل المدرسة اكتشفت وجود مناطق ميتة بلا كاميرات في أماكن لا يُفترض أصلاً أن يقترب منها طفل لكن الحقيقة الصادمة هي أن هذه المناطق ليست استثناء بل جزء من نظام تشغيل غير معلن داخل مدارس كثيرة مخازن صغيرة يستخدمها العمال للراحة غرف خدمات مغلقة لا يدخلها المشرفون طرق خلفية بين المباني تُستخدم لنقل المعدات لكن بلا إشراف هذه الفراغات خلقت البيئة التي تحرك فيها المتهمون الثلاثة بسهولة الموظف الذي يعرف المدرسة أكثر من الإدارة سيمتلك القدرة على استغلالها أكثر من أي شخص آخر
الفصل الثاني من يختبر من
في مدارس كثيرة يخضع الطفل لاختبارات قبول صارمة لغة ذكاء مقابلة شخصية بينما العامل الذي يمشي بينهم يتم تعيينه عبر مقاولة معرفة توصية أو عقد قصير بلا فحص بلا تدريب بلا ملف سلوكي أولياء الأمور اكتشفوا أن المتهمين الثلاثة لم يخضعوا لفحص خلفية جنائية بالشكل الكامل ولم يحصلوا على تدريب حماية الطفل رغم أن المدرسة تعلن دائمًا أنها ملتزمة بمعايير دولية هكذا يصبح العامل الأقرب إلى الطفل هو الأقل تأهيلا والأقل مراقبة
الفصل الثالث الساعات التي لا تُرى
تتبع الأهالي جدول المدرسة فاكتشفوا أن الأطفال يقضون عشرين دقيقة يوميا في حركة بين الفصول الملاعب ودورات المياه بلا إشراف مباشر المدرّسة تخرج فصل كامل بينما المشرفة تحاول ضبط النظام ويضيع طفلان أو ثلاثة في الزحام هذا الزمن الضائع استغله المتهمون وفق شهادات الأطفال الجريمة لم تُرتكب داخل الفصل بل في تلك العشرين دقيقة التي لا يلتفت إليها أحد
الفصل الرابع ماذا يحدث داخل الأطفال قبل أن يتكلموا
من خلال مقابلات غير رسمية مع متخصصين نفسـيين تعاملوا مع أسر مشابهة سابقا اتضح أن الطفل في عمر KG2 لا يفهم ما حدث لكنه يحس لا يعرف الوصف لكنه يعرف الخوف لا يعرف الكلمات لكنه يعرف أن هناك سر مؤلم في هذه القضية بدأ الانهيار النفسي قبل ظهور الحقيقة الأطفال كانوا يحملون الجرح لكن لم يحملوا اللغة لوصفه
الفصل الخامس حين تصبح المدرسة شركة
أحد أهم الأسئلة لماذا لم تتحرك المدرسة فورًا السبب حسب تحليل تربويين أن المدارس الخاصة الكبيرة تُدار أحيانا بمنطق السمعة قبل الحقيقة تتأخر في الكشف تتردد في الاعتراف تحاول امتصاص الغضب قبل فتح دولاب الأسرار الإدارة تحاول حماية اسم المدرسة قبل حماية روح الطفل وهذه المعادلة أخطر من الجريمة نفسها
الفصل السادس أين كانت الدولة
على الورق هناك سياسة حماية طفل دليل إجراءات لائحة سلامة لكن الحقيقة الكثير من المدارس تحتفظ بها في الأدراج دون تطبيق فعلي الواقعة كشفت خللا هيكليا الوزارة تراقب المناهج أكثر مما تراقب الأرواح ويقول أحد مسؤولي التعليم السابقين في تصريح استقصائي غير منشور سابقا معضم المخالفات تُكتشف فقط بعد وقوع كارثة ليس قبلها
الفصل السابع الجريمة ليست قصة بل نتيجة
السؤال لم يعد ماذا فعل المتهمون الثلاثة بل كيف أصبح ذلك ممكنًا أصلًا الإجابة ثغرات كاميرات غياب تدريب توظيف عشوائي أماكن بلا إشراف صمت إداري وقت ضائع غير مراقب أطفال بلا لغة لحماية أنفسهم عندما تُجمع كل هذه العناصر تصبح الجريمة نتيجة طبيعية لمنظومة غير محمية
الفصل الأخير الإصلاح الحقيقي يبدأ من هنا
هذا التحقيق لا يسعى لشرح ما جرى فقط بل لفتح ملف لم يُفتح بعد إعادة هندسة الأمان داخل المدارس المصرية لذلك يقترح الخبراء حلول جذرية كاميرات تغطي مئة بالمئة من الحركة منع وجود أي غرفة مغلقة بلا شفافيات تدريب إلزامي لكل عمال المدارس فحص جنائي كامل قبل التعيين وبعده سنويا لجنة تفتيش مفاجئة مرتين شهريا لكل مدرسة خاصة وحدات حماية طفل بسلطات حقيقية خط طوارئ مباشر داخل كل مدرسة هذه ليست رفاهية بل الحد الأدنى ليشعر الطفل بالأمان
ما جرى في مدرسة العبور ليس جريمة فردية بل جرس إنذار لمنظومة تحتاج إعادة بناء من الأساس الأطفال الذين ذهبوا للتعليم خرجوا بذاكرة لا تُنسى والمجتمع الذي شاهد الواقعة لا يستطيع أن ينسى أيضا لكن تظل الحقيقة الأشد قسوة لقد خسرنا شيئا أكبر من الصدمة خسرنا الثقة والتحقيقات الجارية الآن لن تُعيد الأطفال كما كانوا لكنها قد تمنع تكرار جريمة أخرى في مكان آخر

إرسال تعليق